المواقف والمبادئ في فلسطين بقلم أ هاني جودة

المواقف والمبادئ في فلسطين 

بقلم أ هاني جودة

كثيرا ما نسمع أن فلان صاحب مبدأ وذاك رجل بلا مبدأ , وهذا عديم القيم , وذاك بنفسه قيمة راقية , ونصبح ونمسي على أوصاف يطلقها البعض على مزاجاتهم ضنا منهم أنهم هم سيف العدالة أو قسطاس القيامة , مع أنهم بالغالب يكونوا بلا نظر , لذلك وحتى نكون أكثر عقلانية ويجب أن يكون هناك قواعد نرتكز إليها من خلالها يمكن لنا التعرف على معاني المواقف والمبادئ وما هو الموقف والرؤية والاعتقاد والظن , لذلك بعد بحث يسير وتمهل وفير أضع بين أيديكم هذه المقالة , أخي القارئ الكريم هناك أسس وقواعد وقوانين توضع لتنظم حياة الفرد في مجتمعه ليعيش بسلام ويتكيف مع محيطه ولا يغيرها وهو يعتمد عليها اعتماداً كلياً في الحياة وهي التي توجهه في طريقه نحو المستقبل الواضح , هذه القواعد هي المصلحة العامة , القانون , الفكر الوسطي المعتدل , العادات والتقاليد , وكل سلطة في المجتمع تضع قوانينها التي لا تختلف البتة مع السلوك والمصلحة العامة مهما كانت . ويمكن لنا أن نقسم اتجاهات المبادئ إلى :

(1) المبادئ السياسية الوطنية : هي مبادئ تتعلق بالصالح الوطني العام من خلال الحفاظ على السيادة والاستقلال والتحرير والحق بالنضال بكافة أشكاله لحماية مقدرات الدولة والأمة والدفاع المستميت من أجل الكرامة والسيادة الوطنية فهذه البوتقة داخل الدولة الواحدة هي بوتقة واضحة من يخرج عنها فنقول ذهب مبدأه الوطني ولكن إذا اختلف معك داخل هذه القاعدة في الايدولوجيا السلوكية والتكتيك ليس لك تجرمه بالخروج الوطني , وحتى بالسياسة الدولية يمكن أن نتحدث بوجهان الأول علاقة السلك الدبلوماسي بالخارج مع الدول الأجانب حيث أنها لا يجب أن تخرج عن القواعد الوطنية للوطن مع الأخذ بالراحة في المراوغة والدبلوماسية بما يخدم سياسة الوطن , الثانية العلاقة مع الأشقاء والأصدقاء يجب أن تكون قوية بحيث أن تدعيها هو جزء أصيل من موقف الدولة وقوتها .

(2) المبادئ الاجتماعية : هي تلك الأعراف والتقاليد المتعارف عليها والتي هي المد والإرث الممتد إلى الأجداد فليس من الممكن فصل الفلسطيني السوري الكنعاني والفينيقي عن المعول والمنجل والفأس والبحر والبابلي عن التفكير الفلكي العقلي , مجموع العادات والتقاليد هي جزء قد اقتبس منه في تدوين الأنظمة الأساسية المسماة الدساتير في معظم البلدان لذلك فالعادات والتقاليد لا يمكننا فصلهما عن مسألة المبدأ فمن يخرج عنهما بكل صراحة قد باع ثوبه , ومثال ذلك ما أراه الأبشع هو التشبه الشديد لأبناء أمتنا وعالمنا العربي بالغرب وليتهم يتشبهوا بالعلم بل بالانحطاط , والأخطر دخول المناهج الصهيونية والأفكار المسممة .

(3) المبادئ الاقتصادية : في الرأسمالية الغربية ذهبت المبادئ الاقتصادية وتحولت لوحش كاسر ينهش العامل والفقير وصاحب الدخل المحدود وأصبح الاقتصاد هو سيد العالم بلا منازع ولكن في مجتمعنا العربي والفلسطيني خصوصا بسبب الفساد المالي والإداري تجد صاحب النفق في غزة لم يرث مالا من عائلته ولا يمتلك شهادة جامعية لكنه يمتلك الألوف وعشرات الألوف والبعض أصبح (مليونير) بتجارة غير شرعية وباقي شعب غزة مسحوق وانتشرت أقاويل عن تبييض أموال وتزوير وهذا جزء حي نموذجي لشريعة الغاب التي يصعب ترجمتها خصوصا في ضل الاحتلال وفي ضل غياب القضاء والقانون الذي يمكن له أن يضع النقاط على الحروف , بالمحصلة لا مبادئ اقتصادية غير ما تراه عيناك حتى يفصل الفصل وتستقر أحوال المجتمع بعد إقرار ما يسمي زورا (المصالحة الوطنية) والناجي من ذلك فقط من يستطيع أن يثبت بالحق والورق - والدليل المتسلسل – أحقيته في الملكية الحديثة ! .

ولكن في سياسية المصالح والمبادئ والقيم كيف لنا أن نفرق بينهم الدكتور ستيفن كوفي بين بأن هنالك فرق بين المبادئ والقيم. فعرف المبادئ بأنها هي قوانين طبيعيه ثابتة وموجودة دون جدال مثل الجاذبية الأرضية فالمبادئ أشبه بالمنارات للسفن ثابتة ويصعب تجاهلها فهي كما قال المخرج العالمي سيسل لكاميل في فيلمه الوصايا العشر " من المستحيل علينا ان ننتهك القانون وكل ما يمكن أن نفعله هو انتهاك أنفسنا أمام القانون" وتبدو هذه المبادئ أو القوانين الطبيعية واضحة أمام أي شخص يفكر ويمحص في عمق دورات التاريخ الاجتماعي وتطفو هذه المبادئ مرارا وتكرارا وإتباعها يحكم التوازن في المجتمع وبقاءه. كما بينا في مطلع المقالةألمبادئ ليست أفكارا سريه أو غامضة أو دينيه فتكاد أن تكون المبادئ جزء من الضمير الإنساني وتبدو كما لو كانت توجد في جميع البشر بغض النظر عن تكويناتهم الاجتماعية وانتماءاتهم لها حتى لو كانوا مهمشين أو مسلوبي الإرادة في هذه التكوينات. فمثلا مبدأ الإنصاف الذي منه ينبثق مفهوم العدالة تجده عند الأطفال بالفطرة حتى بدون تجارب وهناك مبادئ أخرى مثل النزاهة والأمانة والتي يعتمد عليها التعاون والعلاقات الجماعية , لذلك حتى أن نطلق مسميات نجرد فيها ما نشاء ونكسو من نشاء هذا ليس من واقع العلم ولا من التحليل العلمي بشيء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات