الخميس، 21 فبراير 2019

مسألة تمثيل منظمة التحرير بين الزمان والمكان بقلم هاني جودة




خاض شعبنا الفلسطيني صراعات طويلة مع كل الغزاة الذين اعتمدوا على عقيدتهم الاستعمارية في نهب مقدرات الشعوب على مر الزمان , ومما لا شك فيه ان التفكير الصهيوني الاستيطاني منذ مؤتمر بازل بسويسرا ركز على اهداف الحركة الصهيونية بقيام كيان يهودي من النيل الى الفرات مركزيته فلسطين بدأ من بتيح تيكفا - فاتحة الأمل-  التي  تأسست عام 1878م  بشراء عدد من الدونمات كنواة زراعية اشتراها يهود من عرب سكان قرية ملبس العربية غير أن أول استيطان جماعي فيها كان عام 1881 منذ ذلك الحين ومع زيادة هذا التجمع  حيث قدم له اعداد كبيرة من اليهود بأوروبا الشرقية لم يتوانى الفلسطينيون من الدفاع عن ارضهم وبدأت المناوشات شيئا فشيء ومع تهالك القوة العثمانية الحاكمة لفلسطين آنذاك رغم كل ما فعله السلطان عبد الحميد من محاربة الاطماع اليهودية وعروض هيرتزل المالية الا ان الكم الداعم لليهود والصهيونية كان اقوى بكثير من الحكم العثماني لفلسطين والذي كان يترنح بسبب جماعة الاتحاد والترقي التي نخرت عصب الدولة العثمانية , ومع اعلان بلفور المشؤوم ثم الانتداب البريطاني على فلسطين بدأ الفلسطينيون برفض سياسة الهجرة اليهودية والحماية البريطانية لهم فشن الفلسطينيون عمليات فدائية ضد المصالح الاستعمارية البريطانية والاستيطانية الصهيونية  وتطور العمل الفدائي الفلسطيني الناشئ حتى وصلنا لثورة 1936 حيث تظافرت بعض الجهود العربية الغير رسمية من متطوعين وطنيين للدخول في الثورة التي استطاعت بريطانيا - بوحشيتها المعتادة آنذاك – من قمع وطمسها ومحاصرة الثوار في أحراش يعبد , وبدأ الفلسطينيون بعدها يفكرون بأكثر تنظيما وتكتيكا حيث بدأت الحركة الوطنية الفلسطينية تنظم نفسها وتفكر اكثر جدية بعمل حكومة فلسطينية وظهرت لنا شخصية الحاج أمين الحسيني مفتي القدس الشخصية الفلسطينية الابرز آنذاك وبدأ بزيارات لكل القوى الفلسطينية في الداخل والخارج بل زار عدة دول خارجية لطرح مخاطر الحركة الصهيونية على فلسطين واستطاع بجهود متواضعة غير مدعومة الى ابراز كلمة فلسطين وسط ضجيج الانتداب ووحشيته على فلسطين , كل ذلك كان متواضعا حقا أمام الدعم الاوروبي الغربي والبريطاني خصوصا لليهود ذلك أهلهم لقيام الكيان الصهيوني عام 1948م الذين  اثاروا الدنيا ضجيجا بعبارة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وقامت الحرب العربية الأولى ضد اسرائيل وللأسف هزمت " الجيوش العربية " كافة وبكل سهولة أمام "عصابات اسرائيلية " نقول عصابات كون ان تلك العصابات حتى تاريخه كانت لم تتخذ شكل الجيش المنظم رغم ذلك لم تصمد أمامها الجيوش العربية !
جاء الموقف المصري أكثر انتباها وقتها حيث تقدمت وزارة الخارجية المصرية بتوصية لجامعة الدول العربية في مارس 1959 من اجل العمل على ابراز كيان فلسطيني فوافقت الاخيرة ودعت الى انشاء جيش فلسطيني في الدول العربية المضيفة  و انشاء اتحاد قومي فلسطيني و الفضل وقتها للزعيم عبد الناصر الذي كان يهدف  الى مواجهة  نشاط اسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية , في الثاني من حزيران 1964 وقف السيد أحمد الشقيري على منصة المؤتمر الوطني الفلسطيني في القدس ليعلن قيام " منظمة التحرير الفلسطينية" ممثلة وقائدة للشعب العربي الفلسطيني "
ومنذ ذلك الحين استجمع الفلسطينيون قواهم في داخل فلسطين وخارجها وشهدت قيادة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات انجازات كبيرة للشعب الفلسطيني حيث نقل القضية  الفلسطينية من انسانية الى قضية وطنية ومن شعب كبير من اللاجئين الى شعب من الثائرين المقاتلين من أجل الحرية , شعب مشتت في الدول العربية بأحزاب في الداخل والخارج  استطاع ان يجمعه رغم الصعوبات التي كانت أمامه من القريب والبعيد لقد استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية من تمثيل فلسطين وفرض اسمها في كل مكان من الدنيا وبدأت كل وسائل الاعلام تتناقل اخبار الثوار الفلسطينيين الذين يرفضون الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وبرزت شخصية عرفات بكوفيته التي صنعت كريزما خاصة في كل دول العالم رمز له ولها (فلسطين) كون ان الدعاية الصهيونية نفت الوجود الانساني والبشري في فلسطين وخيلت للعالم ان العرب يمنعون اليهود الضعفاء من قيام وطن قومي لهم , تلك المنظمة حاربت الصخر واستطاعت ان تنظم نفسها وتجعل لها ممثلين في معظم دول العالم وانشات هيئات على كل المستويات و أدارت شؤون الشعب العربي الفلسطيني في كل أماكن تواجده ومع تطور عمل المنظمة والخبرة التي وجدت نفسها مضطرة لتطويرها ابتعثت ابنائها لتطوير انفسهم في الجوانب العسكرية والعلمية والثقافية والاعلامية  هنا وهناك وبهم كانت مؤهلة على الدوام لقيادة الشعب الفلسطيني , لقد استطاعت المنظمة من انشاء اجهزة امنية  حققت اختراقات لدى الكيان الاحتلالي  وارغمت المخابرات الدولية من التعامل معها , لقد فرض عرفات معادلة جديدة من التعامل ولأول مرة بعد المشاهد المحزنة للفلسطينيين وهم يخرجون من ديارهم عام 1948 رأى العالم اجمع كيف استطاع عرفات ان يحول شمال فلسطين لأرض من اللهيب تحت اقدام الصهاينة والمستوطنين وشوهدوا وهم يهربون بالآلاف  من نير المدفعية الفلسطينية , كان لابد لهذا العالم ان يعترف بمنظمة التحرير فصعد عرفات لأول مرة منصة الامم المتحدة 1974م باسم الشعب الفلسطيني الغائب الحاضر في أذهانهم  ليعلن للعالم اجمع انه وباسم الشعب الفلسطيني ممثلا بمنظمة التحرير الفلسطينية يحمل غصن الزيتون في يد وبندقية الثائر في يد  جاء ليدحض الرواية الصهيونية حول فلسطين , كان ذلك الخطاب بمثابة تحول كبير من دول العالم اجمع تجاه فلسطين فتوالت الاعترافات الدولية بالمنظمة ممثلا للشعب الفلسطيني  , تلك الاعترافات تعبدت بدماء الشهداء والجرحى وآهات الاسرى   كان الجهاز السياسي والعسكري للمنظمة مثالا للانضباط الثوري  لكننا كفلسطينيين لم يكن لدينا جسر جوي مفتوح كما للاحتلال من امريكا فنحن كنا نتلقى الدعم العربي  الخجول الذي حول القضية من عربية اسرائيلية الى فلسطينية اسرائيلية ناهيكم عن تدخلات الانظمة العربية في الشؤون الفلسطينية ومحاولاتها انشاء كيانات موازية او احزاب جديدة او انشقاقات , كل ذلك كان يضعف موقفنا الفلسطيني وجاءت اتفاقية كامب ديفيد 1979 بمثابة اعلان تطبيعي اول مع الاحتلال وخروج مصر من حلبة الصراع بعد حرب اكتوبر 1973 المجيدة , لقد وجدنا انفسنا حقا في الميدان لوحدنا كما في كل مرة منظمة التحرير بإمكانياتها وحالة الشتات التي تديره بلدان عربية اصبحت لها اهواء ومصالح من اللعب بالورقة الفلسطينية وبين احتلال يتمتع بدعم مالي اقتصادي عسكري رهيب جدا , كيف للفلسطيني ان يحارب اسرائيل ومن خلفها امريكا والغرب !  ذلك كله لم يكن سهلا الا ان المنظمة حافظت على قوتها وقوة تمثيلها   ووقعت اتفاقية اوسلوا 1993م بالنرويج   .
لقد كان الاتفاق بمثابة اعتراف متبادل بين المنظمة واسرائيل وقعه اسحاق رابين وياسر عرفات وأسس السلطة الوطنية الفلسطينية وكان الاتفاق بمراحله المتقدمة واتفاقية الوضع النهائي سيوصلنا لدولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 لكن الحكومات الاسرائيلية ماطلت   مدعومة من الادارات الامريكية التي يديرها اللوبي الصهيوني , ذلك كله لم يوقف انشطة ونضال منظمة التحرير من محاربة اسرائيل في كل المحافل الدولية متسلحة بالأشقاء العرب وكل الاحرار حول العالم فحصل الفلسطينيون بقيادة م ت ف على عضو مراقب بالأمم المتحدة  و ترأست دولة فلسطين مجموعة 77والصين وبموجب الاعترافات الدولية دخلت فلسطين المئات من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تستخدمها المنظمة لنيل حقوق شعبنا الفلسطيني الثقافية والسياسية والاقتصادية   والتاريخية , اليوم لا يوجد احد في العالم على مستوى الدول لا يعرف من هي فلسطين  لقد كانت ولا تزال المنظمة هي شعلة الامل لكل الفلسطينيين كونها الوصية على دماء الشهداء والحريصة على مصالح الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم  , وكما التاريخ يكرر بعض الاحداث ويقاربها فأزمة تمثيل المنظمة التي تثيرها جهات معادية لشعبنا اهمها الدولة الايرانية وما تصنعه من لعبة بالأوراق الفلسطينية خدمة لنفوذها الاقليمي وطموحها لتتحول لدولة بتصنيف قوى عظمى بحكم برنامجها الننوي وطموحاتها الاقتصادية الاخرى وما تملكه من بترول وثروات منهوبة من الاحواز العربي المحتل   , ذلك تستخدمه ايران لتقوية اطراف فلسطينية على غيرها , هذه التجربة لن تنجح البتة ولا يمكن تجاوز تاريخ شعب مقابل اطماع اقليمية  وطموحات خبيثة وسياسات ايدلوجية عقيمة .
اعداء شعبنا الفلسطيني وممثله الشرعي  والوحيد يعلمون جيدا ان لا اتفاق ولا افق بدون التواصل مع قيادة شعبنا ممثل بـ (م ت ف) , ويفعلون كل الافاعيل لتقويض سلطة المنظمة , كل ذلك مهما كان ذو تأثير الا أنهم يدركون كما من سبقهم ان لا بوابة سوى م ت ف .


الاثنين، 11 فبراير 2019

الاعلام الاسرائيلي بين الاهداف والتطور

الاعلام الاسرائيلي بين الاهداف والتطور 

في دولةٍ تأسست بطابع عسكري تأخر بها انشاء وزارة خاصة بالإعلام حيث  اعتبرت وزارات الاستعمار جميعا حول العالم هي وزارة الاعلام الأولى للكيان الاسرائيلي الناشئ في أرض فلسطين  , لقد تأخرت اسرائيل كثيرا في انشاء حقيبة وزارية خاصة بـ "الاعلام "  حتى عام 2009 في عهد حكومة بنيامين نتنياهو  واخذت اسم وزارة الاعلام والشتات ! حيث تمارس المؤسسة العسكرية والأمنية سطوتها على ما يبثه الإعلام الإسرائيلي؛ مستلهما الأيديولوجية الصهيونية في التفكير والتوجيه والتعامل مع كل القضايا التي تخص مستقبل دولة اسرائيل !
وزارة الإعلام والشتات  هي وزارة في الحكومة الإسرائيلية، أنشأت في مارس 2009 في عهد حكومة بنيامين نتنياهو. تهدف الوزارة إلى تحسين صورة دولة إسرائيل في الخارج. وقد أقامت حملة اسمها " كل مواطن سفير "، الحملة تتخذ عدة طرائق للوصول إلى هدفها، فقد أنشأت موقع ويب، وبثت إعلانات تفلزيونية ونشرت كتيبات في مخلتف أنحاء إسرائيل. انتقدت هذه الحملة من قبل الصحافة الأجنبية الإسرائيلية على السواء(1) في إطار مواجهة تقرير غولدستون، قال رئيس الوزارة يولي أدلشتين للأمين العام للأمم المتحدة أن تقرير غولدستون "يشكل قاعدة لمن يريدون التنكر للمحرقة، للاسامية وكراهية إسرائيل(2)
أن يتم تشويه الحقيقة، واختلاق كذبة لتصبح حقيقة في الإعلام الإسرائيلي، ليس غريبًا أو خارجًا عن نطاق الممارسات السياسية الإسرائيلية، بل يدخل في صلبها، وهذا أسلوب يؤكد أن القاتل لم يجد ملجأ يُسَوِّغ من خلاله ممارساته إلا بالافتراء على الضحية عبر اتهامها بأنها سبب الجريمة التي استحقها، ولعلنا نذكر المقولة الشهيرة لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مائير، حين قالت: "لن أسامح الفلسطينيين؛ لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم". 
يبدو صعبًا إدراك أبعاد العمل الإعلامي الإسرائيلي دون فهم الأهداف القومية الإسرائيلية العامة، وما يتفرع عنها من أهداف خاصة، والتلازم الكامل القائم بين العمل الإعلامي الإسرائيلي وتلك الأهداف   . وهنا يمكن رصد ملاحظات عامة على الإعلام الإسرائيلي الذي يغطي الأحداث الفلسطينية، منها:
  • خضوعه مباشرة لأجهزة الأمن الإسرائيلية، فهو لا يزال إعلامًا ذا مدلولات أمنية، مرتبطًا وموجَّهًا، ويحتل العامل الأمني مركز الأهمية القصوى في تعامل الحكومة مع وسائله.
  • ترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور العربي الفلسطيني الذي ظل مكشوفًا، وإلى حدٍّ كبير، للإعلام الإسرائيلي، ولم تكن هناك وسائل أخرى قادرة على التصدي، ومقاومة هذا التأثير.
  • تبذل الحكومة الإسرائيلية بمختلف وزاراتها جهودًا حثيثة على المستوى الإعلامي تحقيقًا لأهدافها السياسية، عبر سلسلة من الإدارات المتخصصة، لاسيما وزارة الخارجية التي تعتبر بكاملها جهازًا إعلاميًّا متكامل النشاطات، بل تُعَدُّ ركيزة الإعلام الإسرائيلي الخارجي، الموجه لدول وشعوب العالم الخارجي، الساعية للحصول على تأييد دولي عالمي فيما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
  • تستقطب الدوائر الإعلامية الإسرائيلية كوادر إعلامية متنفذة من جميع بلدان العالم، خاصة أميركا وأوروبا، والتعاقد مع شركات كبرى تعمل في مجال الدعاية، والتأثير في الرأي العام.
  • تقوم الدوائر الرسمية الإسرائيلية بإرسال إعلاميين وصحفيين يهود للخارج، لتعميم تلك الثقافة المطلوبة، عبر مطويات ونشرات ووسائل دعائية تكلف الملايين، لنشرها وبثها عبر عواصم العالم.
  • تنظيم زيارات دورية لعدد من الصحفيين العرب، لمحاولة تغيير الصورة النمطية عن إسرائيل في الذهنية العربية، وكان آخرها في أوائل فبراير/شباط 2018
وقد نظر الإعلام الإسرائيلي للصراع مع الفلسطينيين والعرب منذ بداياته الأولى، من منظار الأمن، وكثيرًا ما يكتفي بما تمليه عليه الأجهزة الأمنية من معلومات، مستخدمة التضليل فيها؛ حيث انتهج الإعلام الإسرائيلي منذ بداية هذا الصراع، مبادئ أساسية في تغطيته لأحداثه، وهي:
       اللمسة الإنسانية، من حيث ذكر أسماء الآباء والأطفال اليهود، مما يضفي الطابع الإنساني والشخصي على ما تسميه "الإرهاب" الفلسطيني الذي تواجهه إسرائيل كل يوم.
       السؤال البلاغي، حتى المؤيدون للفلسطينيين يواجهون صعوبة في الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليهم، حيث انتهج المتحدثون الإعلاميون الإسرائيليون طرح المزيد من الأسئلة البلاغية غير القابلة للإجابة كجزء من جهودهم الإعلامية.
       الاعتراف بوجود فرق ثقافي بين الإسرائيليين والفلسطينيين لكي يجد الغربيون أنفسهم قريبين من الإسرائيليين، نظرًا لاشتراكهم في الثقافة نفسها، وكذلك التقاليد والقيم.
ملاحظات عامة على الإعلام الإسرائيلي في تعامله تجاه الفلسطينيين، ومنها:
  • الخضوع بشكل مباشر وغير مباشر لأجهزة الأمن الإسرائيلية؛ حيث يُدار بعضها من داخل ديوان رئيس الوزراء، لاسيما الإذاعة الناطقة باللغة العربية، التي تحمل مدلولات أمنية، فهي مرتبطة وموجهة للمحيط الشعبي الفلسطيني الهائل، ويحتل العامل الأمني مركز الصدارة والأهمية القصوى في تعامل الحكومة الإسرائيلية معها.
  • تقوم برامج الإذاعة والتليفزيون في إسرائيل بترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور الفلسطيني الذي ظل مكشوفًا لها، ولم تكن هناك وسائل عربية وفلسطينية قادرة على التصدي لها، ومقاومة تأثيرها.
  • يحظى الإعلام الإسرائيلي باهتمام عدد لا يستهان به من المستمعين الفلسطينيين لأسباب عديدة لعل أهمها تلك الفجوة وعدم الثقة بين المستمع الفلسطيني والإذاعات المحلية.
  • استُخدمت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية على سبيل المثال، من قبل المخابرات الإسرائيلية كمصدر للمعلومات السياسية والأمنية، وذهبت هذه الأجهزة بعيدًا في توظيفها، لتكون أدوات طيعة في عملها في مجال إسقاط الفلسطينيين والعرب، ودفعهم للعمل لصالحها من خلال بعض البرامج الاجتماعية والفنية
·         

ا الرقابة العسكرية 

تعتبر الرقابة العسكرية حلقة مهمة في سلسلة حلقات تعامل الإعلام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، ومهمتها إملاء المواقف المحددة في الموضوعات الأمنية، ورغم التطور الكبير الذي شهدته وسائل الإعلام الإسرائيلية في مجال النقاشات اليومية والشؤون السياسية، إلا أن الجانب الأمني ما زال متحكمًا في انطلاقتها، فارضًا نفسه بقوة عليها، بداعي المصلحة الأمنية. وهناك بعض الموضوعات تعتبر أسرارًا لا يمكن للصحافة التعاطي معها، حتى لو روجتها وسائل الإعلام الخارجية، ومن هذه الأمثلة: العمليات الاستشهادية، وخطف الجنود ومقتلهم. وقد قرر الجيش الإسرائيلي تقليص التغطية الإعلامية لعملياته في المناطق الفلسطينية، بعد سماع انتقادات حكومية وجهتها إليها؛ لأن صور الجنود المحتلين ليست مرغوبة "لمن هم وراء البحار"، وبالتالي تم تغيير السياسة بحيث تتحول لتواجد مكثف للجنود مقابل تغطية إعلامية محدودة، والقول بأن الأمر يدور عن عملية محدودة، وليس احتلالًا واسعًا(3).
ليس ذلك فحسب، بل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية واجهت مطالبات عديدة بعدم بث بعض الأخبار والأحداث بحجة أنها مواد دعائية معادية، ومنها خطابات زعماء المنظمات الفلسطينية؛ لأن هدف هذه الخطابات بث الخوف واليأس وسط الجمهور الإسرائيلي. كما أن بث أشرطة الفيديو لمنفذي العمليات الفدائية في وسائل الإعلام الإسرائيلية لا يخدم الهدف الرسمي، بل يخدم التأويلات المقصودة لـ"العدو"، ومن ثم يجب على الإعلام الإسرائيلي ألا يتعاون معه في هذا المجال، ولم يعد الجمهور الإسرائيلي معنيًّا بأن يصل "الفلسطيني الانتحاري" في المساء إلى صالون بيته، بعد أن زاره ظهرًا في المجمع التجاري. وكانت حجة الحكومة الإسرائيلية في هذا المنع أن "تلك الزعامات الفلسطينية أعداء لنا"، ولا يمكن أن نقدم لهم منصة للخطابة.
وكجزء أساسي في العملية الرقابية، استخدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية عددًا من المصطلحات الانتقائية الدلالة والتعبير فيما يتعلق بالأحداث التي تخص علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين؛ حيث لم يقتصر اختيارها على مصطلحات معينة لتستعمل مرة واحدة فقط، بل من الملاحظ أن كثرتها أصبحت ثابتة، وذات استعمالات متكررة في حالات مختلفة، وتجدر الإشارة إلى أن أسلوب الانتقائية في إيراد المصطلحات ليست قاعدته صحفية إعلامية فحسب، بل هي في عمقها سياسية وعقائدية(4).
هدف الإعلام الإسرائيلي بالأساس إلى التقليل من شأن الفلسطينيين كشعب، وأبرز نموذج على ذلك استبدال كلمة الفلسطينيين بعبارة الشعب الفلسطيني، ولكل من العبارتين مدلول كبير، وإن متابعة وسائل الإعلام الإسرائيلية تثير أسئلة عديدة حول مهنية ومصداقية مراسلين ومحررين وصحف، ليس فقط بما يقولونه، بل أيضًا بما لا يقولونه. وفي تغطيتها للأحداث الفلسطينية، انتهجت وسائل الإعلام الإسرائيلية أسلوبًا لترويج الموقف الرسمي، وقد اتضح ذلك بصورة جلية في إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية خلال أبريل/نيسان 2017(5) 
يمارس الإعلام الإسرائيلي سياسة غريبة قامت على لوم الضحايا الفلسطينيين، ليس لأن آلة القتل الإسرائيلية حصدتهم جماعات وفرادى، بل لأن أجسادهم تصدت للرصاص الإسرائيلي، وبدا أن الإعلام الإسرائيلي لا يبالي بقتل الضحية الفلسطيني، بل بتعب الجلاد الإسرائيلي في قتلها، فالإعلام لا ينظر للجثة الهامدة، وإنما يفكر كم أتعبه قتل هذه الضحية! وقد تبنَّى هذه السياسة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي يحرص على توجيه أعماله بقصد الدفاع عن النفس ضد المسلحين، ومن يرسلهم، وإذا قتل أطفالًا أو أبرياء آخرين، فهذا نتيجة لهذه الأعمال، أو نتيجة خطأ محض، فقط
ووردت تعليقات إسرائيلية مختلفة تبرر قتل الفلسطينيين، تشير لعدم وجود ما يُعرف بالحرب النظيفة، فلا يجب على إسرائيل أن تتأسف على الإصابة غير المقصودة بالمدنيين الفلسطينيين في إطار حربها ضد الإرهاب؛ لأنها حرب شاملة، كما أن المدنيين الذين يقدمون المأوى والدعم للمسلحين، لا يستحقون أن يطلق عليهم مصطلح الأبرياء، ولا ينبغي ذرف الدموع والتأسي على الإصابة غير المقصودة ضدهم. بل إن ما حدث في جنين إبَّان تنفيذ عملية السور الواقي في الضفة الغربية عام 2002، وخلال الحروب الإسرائيلية الثلاثة على غزة في أعوام 2008 و2012 و2014، كان مدار بحث ونقاش أكاديميين لدى المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية، وخلاصة ذلك أن ما حدث من دمار ومعاناة للفلسطينيين، لا نستطيع تجاهله، ولكن يجب أن نعلم أن ذلك نتيجة ذنب المسلحين الذين حولوا السكان المدنيين إلى دروع بشرية
وفي حين تنتهج وسائل الإعلام الإسرائيلية أسلوبًا شبه موحد في تناول الأحداث ووصفها بمدينة الخليل بين الفلسطينيين والمستوطنين، باعتمادها رواية عن تراشق عشرات من الفلسطينيين والمستوطنين بالحجارة، مما أسفر عن إصابة عدد من الفلسطينيين، ولسبب لا يُعرَف، فإن الحقيقة أن غالبية المواجهات تنجم عن اعتداء يشنه المستوطنون على منازل الفلسطينيين ومحلاتهم التجارية، كما تنظر وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذه الممارسات بأن المستوطنين اليهود يواصلون احتجاجاتهم في الخليل
ومع قرب احتفالات بيت لحم بأعياد الميلاد نهاية كل عام، دأب الإعلام الإسرائيلي على بث تقارير منها، عارضًا لصور المحلات التجارية الخالية من الزبائن، وإلقاء اللوم في تدهور الوضع السياحي على الفلسطينيين. وفي الوقت الذي تورد التقارير أن الجيش الإسرائيلي سمح لجميع المسيحيين والسياح بدخول المدينة دون أي قيود أو تصاريح رسمية، فندت بعض الفضائيات هذه المزاعم بسبب وجود الحواجز العسكرية على مداخل المدينة
ودأب التليفزيون الإسرائيلي على إجراء لقاءات مع بعض المسؤولين الفلسطينيين بالضفة الغربية بعد مقتل عدد من الإسرائيليين، فيطلب منهم المذيعون الإسرائيليون الانتظار لمشاهدة مقابلات مع ذوي القتلى الإسرائيليين، على نسق مواجهة الضحية لجلادها، ثم يسألونهم: ماذا تقولون لهذه العائلات؟ وبهذا يتحول الضحية الفلسطيني مسؤولًا عن مأساة هذه العائلة الإسرائيلية الثكلى. وهكذا يلجأ الإعلام الإسرائيلي لأسلوب لوم الضحية في حالات الاستخدام المفرط للقوة الذي تقوم به قوات الاحتلال ضد الجماعة المحرومة، الفلسطينيين، وتلازم نشر التقارير حول العنف الرسمي الذي تنفذه إسرائيل ضد هؤلاء مع معلومات تحاول تبرير تلك الأعمال، كالمعلومات المفصلة حول العنف ضد قوات الأمن، واتهام الأبرياء بأنهم كانوا يبيتون نية الهجوم(6)  

" لقد أسست وزارة الاعلام الاسرائيلية قنوات فضائية مثل i24 news  والعديد من القنوات الارضية والراديو خدمة للرواية الاسرائيلية وجميع هذه القنوات موجهة للمجتمات العربية والعالم الخارجي بهدف التأكيد على توجهات الحكومة الاسرائيلية التي تسمي دفاع الفلسطيني عن نفسه ارهاب دولياً , ونلاحظ هنا التداخل في العمل الاعلامي بين اعلام الجيش الاسرائيلي والاعلام الوزاري الحكومي لدى دولة الاحتلال وكثيرا ما نلاحظ آفيخاي ادرعي قد حمل العديد من الرسائل اثناء افطاره مع بعض الجنود من الطائفة الدرزية  , كل الاعلام العسكري للجيش هو اعلام موجه  بل يتخطى حدود اهداف وزارة الاعلام الاسرائيلية حديثة النشاة ! 


·         المراجع

1- صباح أيوب (02-03-2010). "جيش إسرائيل الجديد: قوّات الدبلوماسية العامّة". الأخبار اللبنانية (1056). تمت أرشفته من الأصل في 06-04-2010. اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2018. 2010
3- الحرباوي، نزار، "الرقابة العسكرية على الإعلام الإسرائيلي"، دنيا الوطن، 9/ سبتمبر/أيلول 2014، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2017):
4- منصور، جوني، "الاصطلاحية الانتقائية في الصحف العبرية"، قضايا إسرائيلية، العدد 9، يناير/كانون الثاني 2003، ص 88.
5- النيرب، باسل، "الإعلام الإسرائيلي: نماذج واقعية لتغطية الأزمات السياسية، موقع الحملة العالمية لمقاومة العدوان، 27 ديسمبر/كانون الأول 2010، (تاريخ الدخول: 21 أغسطس/آب 2017):
6- الإعلام الإسرائيلي يتبنى الرواية الرسمية ويتجاهل إضراب الأسرى"، الجزيرة نت، 12 مايو/أيار 2017، (تاريخ الدخول 12 يوليو/تموز 2017):


الثلاثاء، 5 فبراير 2019

حوار مصر مع الفصائل الفلسطينية


هكذا يسوق لنا الاعلام الحزبي الحوارات القديمة الجديدة التي تنظمها القاهرة مع الفصائل الفلسطينية
● مناقشة العلاقات الثنائية بين مصر وحزب فلان
● التأكيد على عمق العلاقة الاستراتيجية اللولبية ال.... بين فلان وفلان
● مناقشة سبل تعزيز المصالحة

● المساهمة في كسر الحصار عن غزة
● تحسينات أكيـــدة على معبر رفح

في الحقيقة هذه العبارات التي تتكرر في كل مرة غير واقعية بين دولة بحجم مصر 7000عام وبين أحزاب فلسطينية عمرها 30 او 40 عام .
■ السياسة المصرية تعتمد في الأساس على تأمين الحدود المصرية وتهتم كثيرا في اي عمق من الممكن أن يؤثر بالسلب على الداخل المصري وتروض أعدائها أو خصومها بالسياسة الناعمة بما يحقق المصالح المصرية
■ ثم بعد ذلك تولي اهتمام خاص بالقضية الفلسطينية ضمن منظومة الاتفاقيت الدولية التي تمت خصوصا عام 1979 بكامبديفيد وما بعدها انتهاء بأوسلوا , وتدير الاهتمام بالشأن الفلسطيني على مرأى العالم وضمن القوانين الدولية لا اكثر ولا اقل .
■ لا يمكن اغفال ان الدور المصري كان ولا يزال الأبرزعربيا واسلاميا في الاهتمام بالشؤون الفلسطينية .
______________________
والمهم أيضا أن جامعة الدول العربية وخصوصا مصرهي صاحبة مشروع م ت ف وارتبطت العلاقات الدبلوماسية خصوصا - بين الدائرة السياسية لمنظمة التحرير ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة وبين رؤساء ووزراء خارجية الدول العربية - بعملية متصلة بشكل يومي من التنسيق وتشبيك المواقف والعمل في الساحة الدولية لادانة المواقف والاعمال الاسرائيلية ولجلب الحقوق الفلسطينية والعربية المسلوبة فمسيرة العمل بين م ت ف والدول العربية امتدت منذ 1964 لا يمكن للدول العربية كافة التغاضي عن م ت ف والتعامل مع الفصائل على حدة الا بحالات الدعم العسكري مثل ما كان يحصل من " سوريا كدولة" مع حماس , وبما يخص قطر فكل ما تعمله لحماس لن يؤثر على شرعية م ت ف وسلوك قطر هذا تأثرت به معظم الدول العربية وجعلها في عزلة .
اذا فصائلنا لو ارادت البوصلة الصحيحة فليس لها الا ان تلتف حول منظمة التحرير تنهض بها تناضل من داخلها تبني تعمر تكافح كل ذلك من داخل المنظمة لا من علاقات ينسجها الخيال مع اي نظام يرى من الفصيل عصا صغيرة يمكن أن تكسر بينما يتعامل مع قيادة م ت ف بكل احترام وتبادلية .

أبحاث ودراسات