السبت، 3 يناير 2015

في الاحتواء للإنسان والمنظمات بقلم هاني جودة



 في الاحتواء للإنسان والمنظمات

بقلم هاني جودة


تعريف الاحتواء..

الاحتواء هو دبلوماسية اللين والترويض واستخدام الأساليب اللينة والاسترضائية لبلوغ الأهداف - هذه السياسة انتهجتها الإدارة الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة , بعد الحرب العالمية الثانية، خرج السياسي والمفكر الأمريكي الشهير "جورج كنان" بنظرية مهمة، وعاقلة، وعملية، وقادرة على لم شمل المجتمع الدولي وقتها، وعرفت باسم نظرية الاحتواء (2) وهنا أضيف إلى مضمون النظرية جزءا استكماليا , بما يتناسب مع واقعنا الدولي الآن وقد قست بالنظرية على الجانبين السياسي والاجتماعي .

(( تتعدد البدائل الاختيارية والوصفية التي نلجأ إليها للتغيير من السلوك حتى نبلغ الهدف المراد وقد تفشل هذه البدائل في وضع الحل الأنسب الذي يقربنا من الهدف على اختلافه لذلك تعتبر عملية الاحتواء الأفقي أكثر السبل نجاحا لما تعتد عليه من أساليب سياسية تفاوضية سلمية عقلية في تحقيق الهدف , الاحتواء قائم على القدرة في الإقناع والمرونة والسلامة في الاستدراج العقلي , وعملية الاحتواء تحتاج أن يكون القائم عليها نموذجا في القوة والتأثير قادر على الظهور بمظهر صاحب الرسالة السامية وعليه ان يكون مقتدرا في أحد النواحي الثلاث " ماليا , عسكريا , شعبيا "وسكون موقفه أكثر قوة إذا جمع بين اثنين أو ثلاثة من نقاط القوة السابقة  
((
وهذه النظرية قابلة للقياس الاجتماعي السياسي الأمني العسكري بما يحقق الأهداف المرسومة وأتمنى أن يكون كل اجتهاد بها هو لخدمة البشرية والأمن والسلم العالمي وأن لا تؤخذ كما صنعت بواسطة المفكر الأمريكي كنان من اجل إشعال حرب باردة وسأتطرق للجوانب السلبية والايجابية للنظرية , وهنا أبدأ بدراستي لنمطين يمكن إن نطبق الاحتواء بهما وهما النمط السياسي والنمط الاجتماعي .
أولا النمط السياسي لتطبيق النظرية
الصراع الدولي لم ينتهي فمنذ الأزل تتصارع الأقطاب والقوى المختلفة من أجل النفوذ والسيطرة والثروات والمصالح على اختلافها فتتشكل الأحلاف ويتكون معسكر الأعداء والحلفاء وتتجه الدول العظمى لعملية الاحتواء أو الاسترضاء أولا لأجهزة وجماعات وأفراد الدول المنافسة - المعادية - ثانيا للدول الضعيفة التي تمتلك ثروات او تعتبر ممرات دولية هامة وهذا ما نسميه "دول التخوم" فتعمل الدول العظمى على طرح خياراتها ومساعداتها المختلفة لتحتوى فكر وثقافة وتوجه الأفراد والجماعات تحت مسمى نشر الديمقراطية وحقوق الانسان أو التبادل الثقافي الحضاري وهذا درب من دروب الهيمنة والاستعمار الغير مباشر فنرى مؤسسات وجمعيات دولية ومحلية تنصب عليها المساعدات بكل الأشكال لتمرير مشاريع الدول العظمى في هذا العصر وبالشكل الدولي الجغرافي هناك دول ضعيفة تقع بين دول كبرى –دول التخوم - تسعى الدول الكبرى لاحتوائها وكسبها الى صالحها وشبكها بخط نفوذها وهيمنتها وتقع غالبية دول العالم الثالث ضمن تعريف هذه الدول . ويتمثل النمط السياسي بأبشع صوره عندما يتشعب لاتجاهات الغزو الفكري بأنواعه , كذلك من أشكال الاحتواء السياسي ما تقوم به الدولة – المنظمة – من استرضاء الجماعات المحلية ويأخذ ذلك شكلان .
1-
استرضاء الدولة لقوى اللوبي المهيمنة داخل الدولة اقتصاديا واجتماعيا على حساب أملاك الدولة أو أملاك الآخرين .
2-
استرضاء واحتواء الدولة للجماعات الحقوقية المطلبية سواء كانت جماعات شبابية او صالونات فكرية إصلاحية وذلك بأن تقوم الدولة بإدخال إصلاحات سياسية تحسن من أوضاع فئات مهمشة ورفع نسبة المشاركة السياسية للشباب مثلا بالعملية السياسية . وكذلك استرضاء النقابات المطلبية و أن تقوم الدولة بتعديل قانون معين استجابة لفئة مطلبيه.
عملية الاحتواء السياسي داخل الدولة هي سياسة فذة وعقلانية جدا من الرئيس الديمقراطي مالم يخضع لضغوط جماعات داخلية مدعومة بأجندة خارجية , ويراعى في عملية الاحتواء عدم المساس بحقوق الغير لأن فكرة الاحتواء السليم هي فكرة مقننة عقلانية تضمن توازي مصالح الجماعات ولا تدخل إضرارا بالغير , وقياسا على ذلك يمكننا أن نطبق الاحتواء السليم في المنظمات والمؤسسات المختلفة بما يحقق المصلحة العامة , وفي عملية إدارة المنظمات الدولية والأهلية والمحلية يمكن القول ان الاحتواء يمكن لنا ان نعبر عنه بشكل ديمقراطي لضمان تمثيل أوسع الشرائح وعدد كبير من الأفراد على صعيد المؤسسات والمصلحة في ذلك مقترنة بالأغلبية كما بالعملية الديمقراطية تماما مالم يتم الاحتواء في المؤسسات بشكل يهمش الأغلبية ويعزز من قوة الأشخاص المسيطرين وهذا سيعكس بالغ الأثر السيئ على سمعة ومكانة وبقاء المنظمة .
ثانيا النمط الاجتماعي لتطبيق النظرية
تمثل حالة التربية للنشا أسمى ما يمكن استخدامه في السلوك المتبع في هذه النظرية ولأن الفرد السليم هو النواة الأولى في المجتمع السليم لا يمكن لنا إلا أن نصطدم بحالات فردية سلوكية مزعجة نستطيع أن نسيطر على ثمانين بالمائة منها في مرحلة النشأة التربوية الأولى لذلك فيبدأ تطبيق النظرية بشكل استدراجي مثالي من أجل تحقيق هدف مرغوب ربما يكون ذا طابع مثالي ويصاحب ذلك دوما للنشا بالتجربة والبرهان والأمثلة اللطيفة . اذا انصب تفكير الحدث تجاه قضية ما لو فرضنا مثلا انه اتجه بشكل مبكر للتدخين فان من السليم إقناعه بمضارها الصحية وبيان تلك المضار الخبيثة لهذا الداء , اذا قوبلت عملية الإقناع بإصرار وعناد من الحدث أقول : اذا كان تفكير واهتمام هذا الحدث – الشاب- في هذه الفترة مدروس وعلوم انه اكبر بغية في الوصول ومقنن فان السليم هو احتوائه ومن كان منهم في غير هذا الداء فبالتأكيد هناك شي يشغله بعضهم تلهيه ألعاب وبعضهم تلهيه دراسة وبعضهم يلهيه الطعام والشراب بمقصد لا يوجد عقل بدون وازع تفكيري ( انا أفكر اذا انا موجود) ديكارت وفي هذه المرحلة لابد ان يكون هناك ثمة شي يشغل الشاب في تفكيره ز لهذا احتواء الشاب في تدخينه تحميه من الانحراف لما هو أخطر وبمعرفة خجولة من ذويه أفضل بكثير من ان يذهب الى عالم الانحراف الأخطر فهذه دائرة منظمة وبكل مراحلها تكون تحت متابعة الأهل مكفولة بمتابعة طيبة محمودة يمكن احلال الود وأن يتجه الحدث بمفرده لترك هذه الداء وان استمر فسيكون ذلك سقفه وان لم يحتوى لمجرد سلوك فستأخذ العادة أبشع الطرق في حياته مستقبلا ويمكن للاجتماعين ضرب الكثير من الأمثلة حول عملية الاحتواء الاجتماعي

.
نظرية كنان بين الواقع والتطبيق

يوجد في السياسة الخارجية الأمريكية مذهب يسمى "المدرسة الواقعية" – ريال بوليتيك- ومن بين ممثليه هنري كيسنجر ، ويرجعه المؤرخون الى جورج كينان بالخصوص ونظريته في الحرب الباردة.
كما نعلم فإن "سياسة الاحتواء" هي مفهوم من مفاهيم الحرب الباردة، كان قد صاغه وبلوره، المؤرخ والدبلوماسي "جورج كينان"، في أواخر عقد الأربعينيات، في مقال شهير له نشر بمجلة "الشؤون الدولية" تحت عنوان "مصادر السلوك السوفييتي"، تحت اسم مستعار هو "اكس" ، بحكم حساسية منصبه كسفير للولايات المتحدة في موسكو حينئذ. ويمكن تلخيص فحوى ما دعا إليه "كينان"، في أنه وطالما لم يبادر الاتحاد السوفييتي بمهاجمة الولايات المتحدة ، فإن عليها ألا تهاجمه، وأن تعتمد بدلاً من ذلك، على "العصا والجزرة الاقتصادية"، وكذلك على الدبلوماسية والعمل الاستخباراتي، فضلاً عن الترويج لصحة وحيوية الرأسماليات الديمقراطية، بغية الفوز بالحرب الباردة. وكتب "كينان" في هذا المنحى قائلاً:"صحيح أن الروس يتطلعون إلى توسيع نفوذهم الإقليمي والدولي، لكن ومع ذلك، فإن على الولايات المتحدة الأميركية، أن تبنى سياساتها على أساس بعيد المدى، وأن تلتزم الصبر والحزم معاً، مع توخي اليقظة التامة في احتوائها للنزعات التوسعية الروسية". وكان في اعتقاده "أنه وبمرور الوقت، فإن الاتحاد السوفييتي آيل للانهيار من تلقاء نفسه، بسبب ضعفه وانعدام تماسكه الداخلي، وبسبب تمدده بعيداً وعلى نحو منهك واستنزافي، خارج حدوده السياسية والجغرافية". وقد أثبت التاريخ صحة ما ذهب إليه "كينان" (1).
غير أن ذلك كان في الماضي، ويتساءل العديد من المراقبين والمفكرين الأمريكيين اليوم : ماذا عسانا أن نفعل ، مع مخاطر ما بعد الحرب الباردة؟ ويذهب البعض، كإيان شابيرو ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ييل، الى أن "سياسات الاحتواء التي انتهجناها إزاء نظام صدام حسين، قد أخفقت في معرض أفضليات وخيارات المواجهة، أثناء الإعداد السابق للغزو، عندما وصفت إدارة بوش تلك السياسة بأنها لم تعد ملائمة للتصدي لجملة التحديات والمخاطر التي يواجهها عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر". و يضيف شابيرو : "إذا ما واصل تنظيم "القاعدة" شن هجماته وعملياته الإرهابية، و ظل الإرهابيون طلقاء يجوبون العالم كيفما شاؤوا، واستمرت حكومات "الدول المارقة"في مدهم بالسلاح وتوفير الملاذات الآمنة لهم– والحديث لا يزال للإدارة- فإنه ليس من وسيلة أخرى تحمي به أميركا وحليفاتها الديمقراطيات نفسها، سوى اللجوء إلى الإجراءات الراديكالية، سواء كانت حرباً احترازية استباقية، أم تغييراً قسرياً للأنظمة المارقة».
وقد كان هذا الاعتقاد، بمثابة عودة إلى سياسة "الدحرجة إلى الوراء"- أي تلك السياسة الرامية إلى طرد السوفييت وإخراجهم من دول أوروبا الشرقية- التي كان قد اقترحها كل من المرشحين جون فوستر دالاس، ودويت إيزنهاور، أثناء حملتهما الانتخابية لعام 1952، غير أنهما سرعان ما استبعداها، ما أن وصلا إلى قمة مواقع السلطة واتخاذ القرار في العام التالي، بدعوى لا عمليتها وعدم جدواها.
وشابيرو من المعجبين بكينان وسياسته الواقعية، لذلك فهو يذكر بأن هذا الأخير أدرك " منذ عقد الأربعينيات، أنه من الأفضل لو أن عملنا جميعاً من أجل عالم لا يسوده أحد». وبسبب تلك القناعة، فقد رحب كينان كثيراً بمناهضة الرئيس اليوغسلافي الأسبق، "جوزيف تيتو"، للهيمنة السوفييتية، تأسيساً على قاعدة أن انشقاق المعسكر الاشتراكي على نفسه، فيه مصلحة لمعسكر الرأسمالية الليبرالية. وهذا هو الدرس الذي غاب عن عين إدارة بوش الحالية. وقد لاحظ شابيرو أيضا أنه قد توفرت لهذه الإدارة، ميزانية مالية هائلة، لم تتوخ الحيطة والحذر، في تبديدها في حروبها ومغامراتها العسكرية الأخيرة، طوال السنوات الماضية. غير أنها باتت اليوم مواجهة بدين حربي مالي في العراق، فاق حد التريليون دولار، مصحوباً بعجز عام في الميزانية الحكومية، لا يخفى عن عين أحد من المراقبين.
ويقول شابيرو : "بدلاً من أن تنحو الإدارة منحى "كينان"، القائل بتشجيع إثارة الشقاق والخلافات في صفوف أعدائنا، هاهي توفر لهم فرصاً مجانية ثمينة لتوحيد ورص صفوفهم ضدنا، في كل مرحلة من مراحل حربها عليهم. وليس أدل على ذلك من تشخيص بوش لما وصفه بـ"محور الشر" في خطابه عن "حالة الاتحاد" لعام 2002. وليس أقله كذلك، إقصاؤها لإيران في ظل رئاسة محمد خاتمي، ورجوح كفة الإصلاحيين في السياسات الإيرانية وقتئذ!"
ولا شك أن اختيار كينان منذ عقد الأربعينيات "اللعبة السياسية" و"المنافسة الايديولوجية" له مبرراته. فهو قد اعتقد أن السبيل الأفضل لكسب العقول والقلوب، هو البرهنة على تفوق الرأسمالية الليبرالية، وتقديمها مثالاً مجسداً للأعداء والأصدقاء على الأرض. ولكن ، هل يمثل "تجديد هذه الرؤية"، كما يدعو الى ذلك شابيرو وغيره من المثقفين الأمريكيين من الاتجاه "الواقعي" حلا لأزمة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟ بالنسبة لشابيرو وعدد من الكتاب الآخرين فإن الأصولية الإسلامية تتقاسم مع "الخطر السوفياتي " السابق أرضية واحدة مشتركة، هي عجزهما عن تقديم نموذج اقتصادي سياسي قابل للعيش والبقاء. وأمامنا ما حدث للاقتصادين الإيراني والأفغاني، إثر وصول الأصوليين الإسلاميين إلى السلطة، في كلا البلدين. وهو يأسف لأن"كينان" قد رحل عن دنيانا قبل عامين، "إلا أن نهج الاحتواء الذي خطه، يجب ألا يقبر معه».. وهو رأي يدعو الى نقاش ليس هذا مجاله.



تعد هذه النظرية من النظريات الأولى لإستراتيجية الأمريكية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية و قد أسسها و بلورها جورج كنان الدبلوماسي الأمريكي المتخصص في الشؤون السوفيتية و نفذتها حكومة الرئيس هاري ترومان , و تعني في نظر صاحبها كنان التعهد الشامل لمقاومة الشيوعية انى وجدت و يراها العالم الاشتراكي مخططا لسيطرة العالمية أعدته الامبريالية الأمريكية و تفويضا من النظام الذي انبثق عن الحرب العالمية الثانية الذي يقوم على توازن في العالمية الرأسمالي و الاشتراكي و نبذهما للحرب و تأكيدهما على مبادئ التعايش السلمي و جاء تعبير الاحتواء لأول مرة في مقالة كتبها جورج كيان في مقالة نشرت في مجلة الشؤون الخارجية forign afairs لسنة 1947 و جاءت في وقت حل التوتر عن العلاقات الأمريكية / السوفيتية محل التحالف فكانت الحاجة لإعادة تقويم السياسية التي يجب على الولايات المتحدة الأمريكية إتباعها إزاء الاتحاد السوفيتي سابقا , كما ارتبطت سياسة الاحتواء بالتطورات الجذرية التي حدثت في موازين القوى الدولية نتيجة الهزيمة التي ألحقت بالنازيين و حدة مزاج السياسي في أوروبا و هو ما سمح للتنظيمات النوعية بالتواجد بين مختلف دول المجتمع الدولي و فرض روسيا الشمالية سيطرتها المباشرة على تلك الدول بوسائل القوة المسلحة من شرق أوروبا كما دفعت هذه المخاوف الكثيرة من دول أوروبا إلى الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتعت باحتكار الأسلحة النووية آنذاك و محاربة المخططات التوسعية الجديدة للاتحاد السوفيتي في القارة الأوروبية .
و تمثل الإطار النظري لسياسة الاحتواء على إجراء تحليل شامل للأهداف الإستراتيجية السوفيتية و تحليل الطرق التي من خلالها ينظر الإتحاد السوفيتي للغرب الذين يعتبرونه العائق الرئيسي في وجه الشيوعية حيث يقول كنان : أن الإستراتيجية السوفيتية كانت في حالة جس النبض دائم و في مختلف الاتجاهات للحلقات الضعيفة مركز الغرب أو تلك التي كانت تشكل نزاعات قوى يمكن النفاذ منها و استخدامها كنقطة وثوب نحو إحداث التغيرات تتواءم و الأهداف البعيدة المدى لهذه الإستراتيجية و يضيف أن هذه الإستراتيجية كانت مرنة و لم تكن مقيدة بوقت محدد لبلوغ أهدافها و لم يكن لها تقييد في الوسائل التي يجب استعمالها لتحقيق الأهداف , و قد عزى كنان أسباب عداء الإتحاد السوفيتي للغرب عامة و للولايات المتحدة الأمريكية خاصة على الأخص إلى ما كان يراود زعماء الكرملين من حسن دفين و متأصل بافتقار الأمن على وطنهم من العالم الخارجي الذي نشأ من افتقاد الحواجز الجغرافية المنيعة التي تصون سلامة الروس الإقليمية فضلا عن الغزوات المتكررة التي مرت بها بلادهم مما جعل هدفهم الحقيقي عن رأيه توسيع النفوذ السوفيتي وراء الحدود , و اعتبروا أن الاحتواء الإتحاد السوفييتي كان من الممكن أن يضيف أمرين :

1 –
مقاومة التوسع السوفيتي و الحيلولة دون امتداده ليستقطب دول جديدة .
2 –
تحت الضغط الغربي سيضطر الشيوعيون التخلي عن استراتيجياتهم التوسعية .
و يضيف الرئيس ترومان عنصرا آخر إلى سياسة الاحتواء هو التبرير الإيديولوجي فيما ركز كنان على فعالية القوة بالقوة.
و اعتبر ترومان أن هذه السياسة ضرورة أساسية للدفاع عن الحرية و الديمقراطية ضد محاولات التسلل الشيوعي الذي لا يهدد امن الولايات المتحدة الأمريكية فقط و إنما يتعداها إلى كل القيم الأساسية التي تدين بها .
وبقيت فكرة استخدام القوة مرتبطة في أذهان الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الشاملة سواء للدفاع عن أوروبا الهجوم الشيوعي و للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية من الهجوم المباشر و قد اتخذ التطبيق الفعلي لسياسة الاحتواء الكثير من الأحلاف و القواعد العسكرية في كل مكان و خلق الحلف الأطلسي الذي يعتبر القوة الضاربة و الرادعة للاتحاد السوفيتي أما في آسيا بدأ تطبيق سياسة الاحتواء بعد سلسلة من مواثيق التحالف و ترتيبات الأمن الإقليمي و قد ظهر ذلك جليا بعد الحصار الذي فرضته الاتحاد السوفيتي على برلين و الانقلاب الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا و الغزو الشيوعي لكوريا علما أن الولايات المتحدة الأمريكية سبق لها و أن أقامت ميثاق تبادل مع اليابان و كوريا الشمالية في 1953 و تعهدوا بالدفاع عن أي هجوم يقع من طرف الشيوعية و قام حلف جنوب شرق آسيا 1959 و حلف بغداد في الشرق الأوسط , و عموما تعتبر هذه الأحلاف بمثابة تطويق و احتواء للمد الشيوعي إضافة إلى أن مشروع مارشال كان في إطار سياسة الاحتواء ، وما المشاريع السوفييتية إلا كردود أفعال لهذه السياسة
وهنا نلاحظ أن النظرية وجدت لتحقيق هدف أرادته الإدارة الأمريكية تكريسا لهيمنتها على العالم والمضي في سياستها الامبريالية تجاه العالم وقد كانت مناسبة حسب النظرة الأمريكية في التعامل مع السوفيت آنذاك
نقد نظرية الاحتواء في الجوانب السياسية :
من أكثر الانتقادات التي تعرضت لها نظرية كنان كانت نتيجة إلى
-
قصورها بعد إفلاح صنع القنبلة النووية الذرية 1949 و الهدروجينية 1953 و مما انشأ في العالم وضع جديد من التوازن أصبح ينتفي معه إمكان وقوع حرب نووية تدمر الجميع على السواء و هي بذلك لم تعد كافية لمعالجة الموقف الجديد .
-
نظرية لم توضح ما إذا كانت جذور السلوك السوفييتي إيديولوجية أو قومية و لم تفرق بين مبادئ الشيوعية الدولية و النزعات التوسعية السوفيتية ذلك أن الجيش الأحمر و ليس إيديولوجية ماركس هي التي مكنت روسيا من التوسع وراء حدودها و قد اعتبرت عنصرا في تكوين الخلفية السياسية السوفيتية .
-
قضت على إمكانية تسوية الخلافات بين العملاقين عن طريق المفاوضة .
-
تعتبر المسئولة عن انقسام إلى معسكرين و ألمانيا إلى دولتين و إنشاء أحلاف متخاصمة و حلول الحرب الباردة محل التعاون .
-
سوء تفسيرها من طرف السياسيين و صناع القرار أدى إلى تورط الولايات المتحدة في حرب الفيتنام حيث افقدها هذا العمل المصداقية في تصرفاتها على اعتبار أنها حاملة لواء الأمن و السلم الدولي .
يبدوا أن سياسة الاحتواء قد فقدت معظم مصوغاتها الأساسية خاصة مطلع التسعينيات من القرن العشرين بعد التطورات المهمة التي حدثت في أوروبا الشرقية و في الاتحاد السوفيتي و توحيد ألمانيا و انفراط عقد حلف وارسو وتغيير معظم هذه الدول موقفها من الإيديولوجية الشيوعية و السوفييتية و تفكك الاتحاد السوفيتي و غياب قوته .
على هذا الوضع دفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في أسس و مفاهيم استراتيجياتهم المعتمدة و هي إستراتيجية الرد الشامل أو الانتقام الشامل
نقد حديث
1-
من أبرز عيوب نظرية الاحتواء تقوم الدول المهيمنة بتنفيذ هذه النظرية للسيطرة على مقدرات الدول الضعيفة .
2-
تبني دول الاستعمار اقتصادها وحضارتها على أوجاع الغير لتظهر لنا وعلى مر السنون الفواق الحضارية والعلمية .
3-
تتكون الأحلاف والأحلاف المضادة مما يؤثر على الأمن والسلم والاستقرار العالمي .
4-
تثير عملية الاحتواء العداء والحقد بين الجماعات باحتواء جماعة على حساب أخرى لأن المنظمات – الدول – الكبرى تمد وتدعم بكل الأشكال الجماعة المرغوبة حتى تستنفذ بشكل كامل وتتبدل عنها المصالح .
5-
تطبيق النظرية يكرس نفوذ رؤوس الأموال في المؤسسات والمنظمات - الدول - على حساب الطبقات الأخرى
.

(1)
هشام القروي العرب 11 ابريل/ نيسان 2007كينان... ونظرية الاحتواء
Submitted by Editor on Sun, 04/26/2009 - 18:14
(2)
خيري حسن جريدة الوفد 26/نوفمبر 2011
نظرية الاحتواء : theory of containment 1945 – 1953

الفلسطينيون ليسوا بمجرمين بقلم هاني جودة



الفلسطينيون ليسوا بمجرمين



بقلم هاني جودة


إن لم تفهم بعد الصهيونية العالمية والاستعمار وأذنابه أن هناك حق كامل للشعب الفلسطيني بالحياة على أرضه , فهذا ليس مدخلا لأن يتساوق البعض حتى ممن كانوا حلفاء قبل الخريف العربي بنعت الفلسطينيين بالمجرمين كونهم يحملون السلاح منذ عقود , النقطة الأساسية أنّ الوضع الفلسطيني هو صاحب الدور الأكبر في تحديد مدى اهتمام العرب ، شعوباً وأنظمة، بالمسألة الفلسطينية بمعنى أنّه إذا نشط الفلسطينيون، مقاومة وسياسة ودبلوماسيةً وثقافة ووحدة حصلوا على الدعم العربي ماليا وعسكريا ودبلوماسيا ، حتى وإن بدرجات متفاوتة، وعلى مضض أحياناً. وإذا سكت (الفلسطينيون) سكت العرب وهذا ما يؤكد ضياع الضمائر والعقول والتفكير العربي نحو فلسطين , وحراك الفلسطينيين يُحصّن جبهاتهم الداخلية ضد القوى المعادية أهمها إسرائيل وأيضا تلك التي تحاول دخول فلسطين كالجماعات الأصولية المتهمة بالإرهاب التي خرجت من رحم بلدان عربية مجاورة حيث استبدلها الفلسطينيون ب "داعس" وداعس تبين حقيقة الصراع وهدفه وتؤكد على الإستراتيجية الفلسطينية الحقيقية تجاه أولا/ الداخل الفلسطيني المحتل والعلاقة مع دولة الاحتلال ثانيا / المحيط العربي والإقليمي ومدى تفاعله مع فلسطين إن صدقوا ما قالوا في قممهم , إذا لم يكن هناك حراك فلسطيني كافيا كمّاً وكيفا، وحكيما في مضمونه وأسلوبه ، فإنه يمكن توقع استمرار التالي:
*
أن تستمر الجماعات العربية المتطاحنة فكريا وعقائديا وعسكريا في الصاق التهم بالفلسطينيين تزامنا دقيقا مع عداوة الاحتلال التاريخية مع فلسطين .
*
أن يصبح الفلسطيني عالميا هو الإرهابي المحنك والذي صنع الهلكوست ويهاجم إسرائيل المظلومة الموجودة ضمن محيط عربي متوحش بفعل الفلسطينيين الإرهابيين .
*
أن تؤثر الجماعات التي تلصق " العدوانية " بالفلسطينيين على شكل التضامن من أحرار العالم عرب كانوا أم عجم , بل وتساهم دعايتهم في فرض عزلة على الفلسطينيين .

الإرهاب هو الكابوس العالمي بكل الدول فنحن لا نجد الولايات المتحدة في أحسن حالاتها وهي خالية من عصابات المخدرات ومافيات السلاح وتهريب الأعضاء البشرية وزراعة جماعات إرهابية مساندة لها حول العالم فهذا قمة الإرهاب , فالإرهاب لا دين له ولا مكان يحكمه فعندما نقول هناك أفراد فلسطينيين شاركوا مع قوى متهمة بالإرهاب هذا لا يجرم الكل الفلسطيني وعلى سبيل المثال الأزمة بالشام إن تواجد بأحد الفصائل المسلحة فلسطيني واحد فقد سبقه ألف سوري وعراقي وسعودي وتونسي وليبي وأوروبي , يتناسى الجميع موقع باقي الجنسيات ويذكر الفلسطيني بعبارة ( شو بتعمل روح قاتل بأرضك اليهود ) والجميع أيضا يعرف تماما أن الإرهاب غير مرتبط بالجنسية , ولكن لصقت هذه العبارة كما الدعاية الصهيونية فلقد حوربت وما تزال المخيمات الفلسطينية في العراق وسوريا ولبنان من القوى المتشددة أكثر من أي مكان لآخر ويتفق بذلك وجود الاحتلال وحربه بفلسطين وأفعال وسلوك القوى المتشددة ضد الفلسطينيين وهما وجهان لطريق هلاك واحد ,
أذكر المحامي الفلسطيني غادي أمين عندما تحدث عن طريقة استهداف الجماعات المتشددة للفلسطينيين بالعراق , وكيف أن ماكنتهم الإعلامية توجهت له وبشدة على خلاف الكثير من منتقديها , ولكن لأنه فلسطيني جوبه بقوة , وحتى نفرق شكل المجرمين علينا تحديدهم حسب أهدافهم


في خطاب ألقاه الإرهابي آرئيل شارون بتاريخ5/11/1998، قال: "يجب أن نستولي على مزيد من التلال، ويجب أن نوسِّع بقعة الأرض التي نعيش عليها، وكل ما بين أيدينا لنا إلى الأبد" وفي الحسابات الشارونية: "أن القتل هو القاعدة الوحيدة التي يجب اعتمادها للتخلُّص من الأعداء" فقام إبان توليه المراكز القيادية بالتصفية الجسدية لعشرات المناضلين الفلسطينيين , منذ ثماني سنوات مات شارون سريرياً، وفي مرضه لا يُدرك إلاَّ الآلام التي تصيبه قصاصاً، وبمثابة العِبرة، كأنما المجرمون لا يموتون من دون عذاب . "غلعاد شارون" هاجم الممرضة التي قالت له : "دَع والدك يموت، فلم يَعُد بالإمكان أن يعيش" حصل ذلك منذ ثماني سنوات، وبعد كل هذه السنوات، تقول طبيبة شارون: "لم نَكُن نعلم أنه كان واعياً على ما يجري، ويتألم، من دون أن يستطيع التعبير عما يجول في خاطره، لا بالكلام، ولا عن طريق الإيماء، وتتابع الطبيبة: يبدو أنه كان يتألَّم ونحن لم نُدرك ذلك، والحكومة الإسرائيلية كانت تدفع فاتورة، وكثيرون من المرضى لا يستطيعون تأمين ما يحتاجونه من دواء" ، "كان على ابنه غلعاد أن يتحمَّل هو الفاتورة، عندما قرر أن ينوب عن الأطباء في تقرير مصير والده.

والإرهاب يستمر مع قادة الاحتلال أيضا يقول يهود أولمرت إسرائيل ستواصل محاربة "الإرهاب الفلسطيني " بشتى الوسائل ان اسرائيل ستستمر في محاربة "الإرهابيين" الفلسطينيين "بقوة وحزم وبلا هوادة" وكذلك قال وزير الجبهة الداخلية آفي ديختر بأن إسرائيل ستضطر إلى اتخاذ إجراءات رادعة الهدف منها وقف "الإرهاب الفلسطيني". وأضاف أنه يجب على إسرائيل أن تبادر إلى اتخاذ هذه الإجراءات في الوقت الذي ترتأيه مناسبا , نفتالي بانيت وزير الاقتصاد الإسرائيلي قال إن القيادة الفلسطينية هي من تمول الإرهاب بالقدس المحتلة.

لهذا سيلعن التاريخ نوعان من المجرمين أولهم شارون، إضافةً إلى آلامه التي عاشها ل 8 سنوات وجميع قادة دولة الاحتلال ومن ساندها من قوى الإرهاب والاستعمار العالمي وثانيهم المجرمين العرب الحقيقيين الذين كانوا بالمكان الخطأ يوم المعركة وجرموا الفلسطينيين تارة وتخاذلوا عنهم تارة أخرى وتركوهم في الميدان منفردين أمام مصيرهم وصبرهم فكما لم يستطيع جلعاد شارون منذ اللحظة الأولى أن يرحم أباه ويتخد قرار إيقاف الأجهزة يبقى عرب أسوأ من الممكن تخيله يجرمون الفلسطينيين لن يستطيع هؤلاء اتخاذ قرار إيقاف الأجهزة الخبيثة عن عقولهم وأجسادهم وستبقى ألسنتهم تغني على نفس نغمات قادة الاحتلال

التنمية الإنسانية .. ودورها في الحـد من انتشار الخلل الاجتماعي



التنمية الإنسانية .. ودورها في الحـد من انتشار الخلل الاجتماعي

بقلم هاني جودة /

رلا شك ان التواصل الإنساني هو سمة الطيبين ومبدأ تنمية توجهات الإنسان منذ عهد طفولته بواسطة أبوية (الأب والأم) هو أمر يصيب في خلاصه مداه لإعطاء الحياة معنىً أفضل للوجود. إن آليات بناء الشخصية الإنسانية ليست مسألة هينة كما قد يخطر على البال والقضية الأهم بهذا الصدد أن تكون هناك مناهج للتنمية الإنسانية بحيث تكون هناك خطوط التقاء التي تقوي إنسانية الإنسان وتنميها عبر الالتزام بالسلوكيات السوية التي تعرف كل مرء بحدود حريته وحقوقه مقابل معرفة استقلال حدود حرية وحقوق الآخرين سواء في تجمع أفراد عائلته أو في مساحة مجتمعه الكبير. ومن الطبيعي أن بناء القدرات البشرية فيما يتعلق بالبناء النفسي مسألة خاضعة للسير مع أي طوارئ إيجابية.. ،تغير من نمط الحياة وعلاقاتها والتعليم الأولى بقدر ما يبقى واحداً من أهم مستلزمات التواصل الأفضل بين البشر أن العالم اليوم يزداد التحاماً في مجمل علاقاته وهذا ما هو ملاحظ أن كل مجتمع أيضاً قد تأثر بهذه الظاهرة أيضاً فمثلاً أن العلاقات المجتمعية في معظم البلدان العربية قد ازدادت عما كانت عليه قبل زهاء ربع قرن من الزمان ويعود ذلك لجملة أسباب منها،تهافت الناس على اقتناء الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة بنسب لم يسبق لها مثيل وهذا ما وفر وجود نوع من الخطاب على التفاهم عبر عروض الإعلاميات المختلفة فالخبر الذي تنقله فضائية إعلامية معينة ويثير اهتماماً لدى شريحة من الجمهور المتلقي ترى أفراده منشغلون في اليوم التالي للحديث عنه ومناقشته سواء بإسهاب أو باختصار. إن العدو الأول للتنمية الإنسانية هو تسخير مبدأ الضبابية على الأفكار مما يقصم نسبة من حماية الشعور العفوي عند المرء إذ سيصاب بشيء من التلوث في تطلعاته الإنسانية ما لم يتدارك لمواجهة ذلك بسلاح الوعي ويواصل فعالية عقله فيما يتعلق بكسبه لمعرفة أعمق بما يدور بالحياة وما يتحكم بالعيش. إن الخبرة الإنسانية المتاحة للإنسان المعاصر ليست قليلة وتحقيق مد الجسور للإنسان (تعليمه وتثقيفه وتوفير بيئة عائلية واجتماعية جيدة له مع إبعاد التأثيرات السياسية السلبية عن حياته كلها أرصدة استثمار لتنمية الناس على أسس الأخلاق الفاضلة. ولعل في إدراك الهدف السامي الذي يتطلع إليه كل إنسان وكل مجتمع بالظفر بحياة كريمة فيها من تحقيق نسبة مقبولة من الآمال ستبقى عناوين صالحة لنقل مبدأ التنمية الإنسانية إلى آفاق حياة أكثر سعة لها من الدور المفرز لعملية التقدم الاجتماعي الحقيقي العام بشطريه التقدم الروحي والتقدم المادي. إن البشرية تعتلي يومياً من أجل إنقاذ الإنسان لنفسه من نفسه أولاً بعد أن فشل العالم المعاصر من تثبيت أركان سلامة النفوس وتعطيه من قرابين لأجل لا شيء نتيجة لديمومة أحداث تأجيج بؤر القتل والدمار الذي تشاهده البشرية كل يوم من على شاشات التلفزيون وهذه من العوامل الخطيرة التي لا يوجد لها أي مبرر قوي سوى أن هناك أيادي خفية تحرك تلك الأحداث لغايات سياسية دولية غير إنسانية وإلا ماذا يمنع أن يكون أسلوب التفاهم والاعتراف بحق الآخر كسبيل لحل أي مشكلة محلية أو دولية بأي مكان من العالم. إن تهبيط مستوى التفكير النفسي إلى درجة المعاناة يسبب في حده الأدنى مرضاً نفسياً عند المعانين فيضطر هذا المصاب أن يتنفس للتعويض عن هذا المرض أما بعلاجه بيولوجياً أي بالذهاب إلى طبيب سيحصل منه حتماً على وصفة طبية لحبوب مسكنة قليلاً لنفسه وإذا تعذر ذلك فإن سلوكه سيصاب عادة بالتوتر والارتباط وهذا ما ينعكس على عموم محيطه الاجتماعي صغر أم كبر هذا ناهيكم عن إصابة المريض النفسي أحياناً بضعف في بعض أجهزته المهمة كالإصابة بالقلب وغيرها إذ أن جسم الإنسان ليس قادر دوماً على مقاومة الأمراض النفسية أو الصدمات النفسية فهناك حالة اختلاف بين شخص وشخص. ففي المجتمع الإنساني الذي يكون مبدأ (التنمية الإنسانية) قد أخذ فعله الإيجابي بين أفراده لا يمارس حالة أن يبيع بضع الناس لبعض أعضاءهم البشرية لكونهم محتاجين للأموال لتمشية أمور وجودهم في الحياة إذ أن قوة (التكافل الاجتماعي) في مجتمع التنمية الإنسانية يكون فيه من القوة ما يجعل بالأساس أن الحد من انتشار الأمراض النفسية والتربوية والاجتماعية وكذلك البيولوجية والأوبئة الطارئة هي في حدودها الأدنى وذلك لأن احتياطات الوقاية لكل إصابة ستكون هي الحالة المهيئة المتفرغ لها فردياً واجتماعياً بسبب جدية التواصل الإنساني الواقع فعلاً في المجتمع الإنساني وناسه الحريصون على اعتماد مبدأ التنمية الإنسانية بينهم. ويمكننا القول،أن التنمية الإنسانية هي اليوم القضية العالمية الأولى التي منها يمكن أن تنطلق البشرية إلى شاطئ الأمان بخطوات واثقة
 الخلل الاجتماعي

أبعاد اتفاقية ( فلسطين – إسرائيل - الأردن ) حول البحرين

أبعاد اتفاقية ( فلسطين – إسرائيل -  الأردن ) حول البحرين

إعداد / هاني جودة

مقدمة .
يعتبر الصراع على المياه من ملامح الحرب الكونية القادمة , فالي جانب الحرب المباشرة التي تقدم علها الدول بالشكل العسكري , هناك حرب قد انتهى التجهيز لها هي الحرب المائية والصراع على مواردها , الا اني كباحث فلسطيني عند متابعتي للتقارير الخاصة حول ابعاد اتفاقية البحرين رأيت ان ذلك يسير تماما وفق النظرة والحلم اليهودي , فالان يقدم اليهود في الارض المحتلة عام 1948 على المخطط الشهر (برافر) الذي يقتلع الأرض العربية في النقب ويبعدها نحو تجمعات عربية اخري وهذا ما حدث بالعراقيب على سبيل المثال , لذلك فمن الجيتو الذي عاشه اليهود في أوروبا الي جيتو جديد بدا بجدار الفصل العنصري ومر بالجدار مع حدود مصر والآن هو بالجدار المائي  بمنطقة وادي عربة وغور الأردن وصولا نحو البحر الميت ومن ثم  يأخذ انعكاسا نحو يافا لتحقيق الهدف الاستراتيجي الجيوسياسي , في دراستي هذه  لا احصر الهدف الشيطاني لليهود فقط بالنقب والخط المائي بل للعلم الجليل العربي يهود ويافا تهود وكل الأرض المحتلة وبكل ترابها الطاهر تهود منذ النكبة  بل وتقلب الحقائق , وهنا ايضا   اقول , مما لا شك فيه أن شق قناة مائية تربط البحر الأحمر بالبحر الميت، وتوليد الكهرباء منها وما يستتبع ذلك من إقامة مجتمعات عمرانية، وجذب مزيد من المهاجرين والسكان في منطقة النقب سيزيد من قدرات إسرائيل الجيوبوليتيكية ومعالجة عناصر الضعف التي تعانى منها بالنسبة لقلة السكان ومحدودية الأراضي الصالحة للزراعة والصناعة والعمران، خصوصا انه من المخطط أن تستوعب إسرائيل حوالي مليون مهاجر إضافي حتى عام 2015. وما يستتبع ذلك بالضرورة من بناء هياكل عسكرية إضافية للدفاع عن هذه المجتمعات العمرانية الجديدة
لكنها بالواقع  تمثل الحلم الصهيوني الذي تحدث عنه نبي الصهيونية المزعومة هرتزل

طرحها
الاحتلال الانجليزي لفلسطين لأول مرة عام 1850  هذا المشروع كان أحد أحلام -أو نبوآت- الزعيم الصهيوني تيودور هرتزل التي طرحها، وإن كان بشكل مختلف، في كتابه "الأرض الموعودة" ونشره عام 1902، حين تحدث عن قناة لوصل البحر المتوسط (من هاديرا) بالبحر الميت، حين قال: فعلا سيكون هذا مشهدا رائعا رائعاً للغاية، مع انسياب المياه بوفرة إلى أسفل على التروس البرونزية العملاقة للتوربينات التي تتحرك بسرعة فائقة وصاخبة ومنها تخرج قوة الطبيعة الهمجية التي تم وقفها والسيطرة عليها لتنقل إلى مولدات التيار الكهربائي، ومن ثَمّ وبسرعة إلى الأسلاك الممدودة في كل أنحاء البلاد، البلاد الجديدة-العتيقة التي أحيتها هذه القوة وغمرتها حتى أضحت حديقة كبيرة ووطناً لهؤلاء الناس الذين كانوا من قبل فقراء وضعفاء ويائسين ومنبوذين" (آرئيل شنيال معاريف 51/3/2004) وبعد ذلك بسنوات وضع عدد من المهندسين البريطانيين والألمان مشروعات لمد نفس القناة من البحر المتوسط إلى البحر الميت ولكن بغرض توليد الكهرباء، كما نوقش في المؤتمرات الصهيونية التي عقدت بعد ذلك.
وفي الخمسينيات من القرن الماضي، وبعد قيام إسرائيل عام 1948، قام د. والتر لودرميلك -الخبير في التربة ويطلق اسمه حاليا على كلية الهندسة الزراعية في معهد التخنيون الإسرائيلي- بتقديم اقتراح لإنشاء مسار ثان مختلف على البحر المتوسط يصل ما بين حيفا والبحر الميت ، ثم جرت لاحقا محاولة تنفيذها إبان رئاسة  بيجين  تحديدا عام 1981 ، إلا أن العمل بها قد توقف عام 1985   لأسباب غامضة
وبعد سنواتٍ مما نشره هرتزل، وقبل قيام إسرائيل في فلسطين، وضع عدد من المهندسين البريطانيين والألمان مخططات مشروعات لمد قناة من البحر المتوسط إلى البحر الميت، بغرض توليد الكهرباء، وتمَّت مناقشة هذه المشروعات في المؤتمرات الصهيونية التي قبل قيام إسرائيل.
وفي الخمسينيات الماضية، قام الأكاديمي الصهيوني البروفيسور والتر ، وهو خبيرٌ في التربة الزراعية، بتقديم اقتراحٍ لإنشاء مسارٍ ثانٍ مختلف على البحر المتوسط يصل ما بين حيفا والبحر الميت، وفي العام 1977 قامت الحكومة الإسرائيلية بتشكيل لجنة تخطيط لدراسة ثلاثة اقتراحات لربط البحرين الميت والمتوسط، واقتراح آخر بربط البحر الأحمر بالبحر الميت عند ايلات .

الدهليز المظلم لهذا المشروع :

*
يتهدد المشروع المصالح الاقتصادية المصرية في مجال النقل الجوي والبحري، خصوصًا فيما يختص بمشروعات الموانئ الكبرى ويهدد حيوية قناة السويس .
* القناة قد تسرّع في وقوع هزة أرضية خطيرة /
البيئة المحيطة بالبحر الأحمر غير متماسكة وغير مستقرة جيولوجيًّا، بما يعرضها للمزيد من عدم الاستقرار إذا ما تم حفر قناة "البحر الأحمر- البحر الميت"؛ مما قد يؤدي إلى حدوث المزيد من الزلازل والهزات الأرضية
*
يعتبر تدفق حوالي 2 مليار متر مكعب سنويًّا من مياه البحر الأحمر إلى البحر الميت، سيحدث تأثيرات عميقة على البيئة البحرية للبحر الأحمر، بما في ذلك المناطق التي توجد فيها ثروات مصر الطبيعية .

*




ومن  الأهداف غير المعلنة لهذا المشروع :

 *
أن تحصل إسرائيل مجانا بموجب هذا المشروع على مياه لتبريد مفاعلاتها النووية الجديدة التى تنوى أقامتها فى النقب، حيث تنوى إسرائيل إقامة مفاعل فى هذه المنطقة بعد أن بلغ مفاعل ديمونة سن "الشيخوخة" وتعدى العمر الافتراضي "20 سنة" ليصل إلى 34 سنة. فقد بدأ تشغيله فى عام 1936، وحدثت به تشققات وتسرب أشعاعى أصاب أكثر من 120 عاملا فى المفاعل بأمراض سرطانية، وأعلنت القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى أنهم رفعوا دعاوى قضائية ضد حكومة إسرائيل مطالبين بتعويضات.
*
السيطرة على مزيد من مياه انهار الأردن واليرموك ومياه الضفة الغربية العذبة، بينما تزود الاردن والفلسطينيين بمياه بحر محلاة، وذلك عبر خمس محطات تحلية مياه، توجد دراسات لبنائها، ثلاث منها داخل إسرائيل، وواحدة فى شمال الأردن، وواحدة فى غزة، وهذا سيوفر لإسرائيل المياه العذبة التى تحتاجها لإقامة مجتمعات عمرانية جديدة تجذب 1 ـ 2 مليون مهاجر جدد، وتساعد على إعادة توزيع السكان المكدسين فى المنطقة الساحلية ووسط إسرائيل، وبما يقلل المخاطر الأمنية التى قد يتعرضون لها من قصف الصواريخ العربية والإيرانية ـ هذا إلى جانب مشاريع زراعية وصناعية، يتم تصدير انتاجها إلى الخارج بدءاً بالدول العربية المجاورة فى إطار عمليات التطبيع المستمرة فى العلاقات.
*
خلق صناعات إسرائيلية جديدة كصناعة تحلية المياه وضمان عميل دائم يعتمد على إسرائيل فى استمرارها ويشترى قطع الغيار وغيرها، حيث ستبيع للأردنيين والفلسطينيين المياه المحلاة بنسبة الثلثين إلى الأردن والثلث للفلسطينيين بسعر دولار و30سنتا، بينما تبلغ تكلفة ما تحصل عليه إسرائيل من مياه تحلية 52 سنتا للمتر المكعب، لذا تتعجل إسرائيل فى تعليم متخصصين، وتتبنى شركات لها أسماء كبيرة "عائلة برونجمان" استعدادا لتلك الخطوة من خلال مشروع تحلية المياه فى عسقلون، على الرغم من ان إسرائيل ليس لها تاريخ يذكر فى هذا المجال.

اني اعتبر ان الصمت العربي الكامل والغياب القيادي العربي بفعل اضحوكة ما سموه الربيع  العربي لهو الأساس الذي مهد ويمهد التمادي الدائم للاحتلال .

أبحاث ودراسات