مماليك العراق دراسة / أ هاني جودة

بحث حول/

مماليك العراق
دراسة /  أ هاني جودة



مماليك العراق هم سلالة من الولاة الذين حكموا العراق منذ منتصف القرن الثامن عشر إلى الربع الأول من القرن التاسع عشر وتعود أصولهم إلى جورجيا ومن بلاد الشركس وداغستان وبلاد جبال القوقاز الأخرى حيث استمر حكمهم للعراق زهاء 82 عاما بولاية سليمان باشا المكنى بابو ليلة في سنة 1749  م وانتهى بعزل داود باشا من منصب والي بغداد سنة 1831  م. وقد كان مماليك العراق يشبهون نظرائهم من مماليك مصر من حيث أصلهم ومنشأهم. وقد تميز عهد المماليك في العراق عن ما قبله من العهود بشدة التنافس والتنازع على الحكم. فقد كان الولاة قبل عهد المماليك يعينون بفرمان يصدر من السلطان العثماني في إسطنبول أما في عهد المماليك فقد تغير الحال إذ أصبح الفرمان السلطاني قليل الأثر في تعين الولاة وفي بغض الأحيان لم يكن له أي أثر على الإطلاق. كان التنازع بين المماليك يعتبر الأثر الأكبر في تعين أي والي فأي مملوك يستطيع من أن ينال منصب والي بغداد أو الوزارة كما كانوا يسمونها بالقوة إثر التغلب على بقية منافسيه من المماليك يجتمع حوله أعيان بغداد وعلماؤها فيكتبون عريضة إلى السلطان العثماني يسترحمون منه أن يصدر فرمانه بمنح الوزارة أو الولاية إلى المملوك الغالب. بلغت دولة المماليك في العراق أوج قوتها في عهد سليمان باشا الكبير والذي دام حكمه 22 عاما ما بين عامي 1780 إلى عام 1802 وحيث سمي عهده بالعصر الذهبي لدولة المماليك في العراق

نشأة المماليك في العراق

إن أول من عني باستجلاب المماليك في العراق هو الوالي العثماني حسن باشا فقد أراد هذا الوالي بعد إن فسد نظام الانكشارية  أن يجعل لنفسه جندا مختصين به يستعين بهم ويتعصبون له فأرسل إلى بلاد القفقاس من يأتي إليه بالصبيان. كانت أسواق مدينة تفليس آنذاك زاخرة بالصبيان المعروضين للبيع. أسس حسن باشا في بغداد دائرة خاصة اسمها إيج دائرة سي أي دائرة الداخل ومهتها هي الإشراف على شراء المماليك من تلك البلاد وتدريبهم. وعندما تولى الحكم من بعده ابنه أحمد باشا زاد من استجلاب المماليك والعناية بهم حتى أصبحوا قوة لايستهان بها وبعد وفاة الوالي أحمد باشا من أن يفرضوا إرادتهم على الدولة التركية وينصبوا أحدهم وهو سليمان باشا (أبو ليلة) واليا على العراق في سنة 1749 م.

وصول المماليك إلى الحكم

كان سليمان باشا المكنى(أبو ليلة) أول مملوك يتولى الولاية وذلك في سنة 1749م إثر فتنة طاحنة قام بها الأنكشاريون في بغداد .وضربوا السراي العثماني بوابل من القنابل واستمرت الفتنة ثلاثة أيام مما جعل الوالي العثماني يفر من بغداد فاضطرت الدولة العثمانية آنذاك إلى تعيين سليمان باشا واليا مكانه دام حكم سليمان باشا حوالي ثلاثة عشر عاما وقد سمي سليمان باشا بأبو ليلة وذلك لتخفيه في الليل وخروجه. توفي سليمان باشا في سنة 1762 م إثر مرض لازمه طوال ستة أشهر. بعد وفاته كان سبعة رجال مرشحين لخلافته وكانوا كلهم من المماليك وكاد الأمر أن يتحول إلى حرب بين المرشحين السبعة وتدخل العلماء والأعيان بغية تسكين الفتنة عندها أستقر الرأي من أن يكتب بأسماء المرشحين السبعة إلى إسطنبول لكي يتم اختيار أحدهم للولاية بعدها عاد الجواب من اسطنبول باختيار السلطان العثماني لمتسلم البصرة علي باشا. لم يكن علي باشا من أصول قفقاسية أو جورجية كسائر المماليك الموجودين بل كان من أصول فارسية وهذا ما جعل المماليك الآخرون يحيكون المؤامرات عليه. فخلع من منصبه بعد سنتين من توليه المنصب إثر ثورة مضادة بقيادة عمر باشا والذي كان هو عديل سليمان باشا وبالنفس الوقت كان أحد المرشحين السبعة لخلافة سليمان باشا(أبو ليلة) وعلى إثر ذلك اجتمع علماء بغداد وأعيانها وكتبوا عريضة للسلطان العثماني يسترحمون بتولي عمر باشا واليا عليهم وإن علي باشا كان يريد تسليم العراق لبلاد فارس. فجاء الفرمان من إسطنبول يقر عمر باشا واليا على بغداد أما علي باشا فقد هرب من السراي متنكرا بزي إمراة والتجأ دخيلا لأحد الدور المجاورة ولكن صاحب الدار أخبر عنه للسلطات فألقي القبض عليه و من ثم قتله.بدأ عمر باشا بعد توليه منصب الوالي بالقضاء على ثورات العشائر والتي كانت تمثل تهديدا حقيقيا للدولة منها ثورة شيخ الخزاعل حمود الحمد والذي أسس كيان عشائري مستقل عن كيان الدولة بمنطقة الفرات الأوسط  حيث استطاع القضاء عليه وكما قام بالقضاء على ثورتي عشائر المنتفق وعشائر العبيد على التوالي. في سنة 1772 م وفد مرض الطاعون إلى بغداد وأخذ المرض يفتك بالسكان ويحصد أرواحهم في كل يوم. انتهزت بعض العشائر ماحل ببغداد من مرض الطاعون وبدأت عمليات السلب والنهب والتخريب في المدينة المنكوبة بالمرض وقد استمر الحال حتى بعد زوال المرض  إذ لم يكن يوجد في الولاية من الجنود مايكفي لحفظ الأمن وإعادة النظام إلى نصابه.

نهاية عمر باشا وما تلاها من أحداث

في سنة 1775 م أرسل الشاه كريم خان زند جيشا كبيرا لاحتلال مدينة البصرة بقيادة أخيه  صادق خان فحاصرها وقد دام الحصار على مدينة البصرة حوالي 13 شهرا انتهى بدخول صادق خان للمدينة وعند وصول نبأ الحصار إلى إسطنبول أعتقد المسئولون هناك إن السبب الأكبر الذي أدى إلى نشوب هذا النزاع بين الدولتين هو عمر باشا وإنه لابد من عزله لكي ينتهي هذا الصراع القائم بين الدولتين. في عام 1776 م قامت الدولة العثمانية بإرسال ثلاث قواد ومع كل واحد منهم قوة عسكرية كبيرة إلى مدينة بغداد وكان الغرض هو عزل عمر باشا وهم كل من أوزون عبد الله باشا والي ديار بكر، سليمان باشا الجليلي والي الموصل ومصطفى باشا الإسبيناخجي والي الرقة والأخير كان هو من أسندت إليه ولاية بغداد وقتل عمر باشا إن امتنع تسليم الولاية إليه وكانت حجة القادة الثلاث إثناء المجيء هو فك الحصار عن مدينة البصرة. وعند اجتماع مصطفى باشا الإسبيناخجي بعمر باشا ومعرفة عمر باشا بالفرمان السلطاني لم يبد أي اعتراض وغادر بغداد من دون وقوع أية مشاكل ولكن مصطفى باشا اعتقد إن في الأمر مكيدة له من قبل الوالي السابق عمر باشا فأرسل قوة من الجند ليهاجموا عمر باشا ليلا إلا إن عمر باشا تمكن من الهرب غير إن فرسه سقطت على الأرض مما أدى إلى كسر رقبته وقد عثر عليه من قبل أحد الجنود والذي قام بقطع رأسه وإرسالها إلى الوالي الجديد والذي قام بدوره بإرسالها إلى اسطنبول بعد مقتل عمر باشا لم يهدأ الوضع في العراق في السنوات التي تلت مقتله ولم يدم حكمه سوى تسعة أشهر حيث عزل بفرمان من السلطان العثماني حيث تم تولية زعيم المماليك عبد الله باشا والذي كان قد ثار ضد مصطفى باشا بعد كثرة الشكاوى عليه وسيق مصطفى باشا إلى مدينة ديار بكر مخفورا وهناك تم قطع رأسه بأمر من السلطان

ولاية حسن باشا الكركولي

في عهد هذا الوالي استرجعت البصرة من أيدي الإيرانيين إذ انسحب الإيرانيين من المدينة بسبب وفاة كريم خان في مدينة شيراز وعاد إلى البصرة واليها السابق سليمان آغا بعد إن كان  محبوسا في مدينة شيراز. وفي أواخر شهرتشرين الاول من سنة 1779 م حدثت مشاجرة بين شخصين قرب مقبرة الشيخ عمر فلما سمع أهالي الميدان في بغداد بهذا الحادث اتخذوها ذريعة لإعلان التمرد والعصيان على الوالي حسن باشا. عند ذلك التجأ حسن باشا إلى القلعة الداخلية متحصنا بها وفي اليوم التالي تجمع سكان بغداد في الطرقات واتخذوا المتاريس وقاموا بمهاجمة السراي لحكومي وعند حلول الظلام عشية ذلك اليوم تسلل حسن باشا من باب القلعة وعبر النهر جانب  الكرخ ومن هناك استطاع الفرار إلى ديار بكر وقد توفي حسن باشا إثر إصابته بمرض غامض لازمه عدة أيام هناك

سليمان الكبير

كان والي البصرة سليمان آغا والذي عرف لاحقا بعد توليه ولاية بغداد باسم سليمان الكبير يترقب الأوضاع فأخذ يكاتب السلطان العثماني لغرض توليه الحكم وقد تم له ما أراد إذ صدر فرمان من السلطان بتوليه شؤون ولاية بغداد وقد عرف عصره باسم العصر الذهبي لفترة حكم الماليك في العراق. بدأ سليمان الكبير حكمه بالقضاء على ثورة محمد العجمي في نواحي ديالى والقضاء على تمرد عشائر الخزاعل في منطقة الفرات الأوسط. وفي عام 1782  م توجه سليمان الكبير إلى مناطق كردستان للقضاء على التمرد الذي قاده هناك متصرفها محمود باشا بابان فالتجأ محمود باشا بابان إلى بلاد فارس . وعين سليمان الكبير مكانه ابراهيم باشا . في سنة 1786 عم قحط شديد على العراق فعمت المجاعة وانتشرت الأمراض فأدى هذا إلى نشوب ثورة عارمة في بغداد ولكن سليمان باشا استطاع القضاء على هذه الثورة وصلب بعضا رؤساءها وسجن آخرين. وفي أواخر سنين من حكم سليمان باشا الكبير بدأ الوهابيون يغيرون على تخوم العراق وبدأت الحرب بين كلا الطرفين . توفي سليمان باشا الكبير عام 1802 م.

المماليك بعد سليمان الكبير

أوصى سليمان باشا الكبير بأن يعهد من بعده بمنصب الوالي لصهره علي باشا الكهية وألا يختلفوا عليه ولكن سرعان ما ظهرت الخلافات بين أفراد عائلة سليمان الكبير حول منصب الوالي بعد وفاته والذي شغله صهره علي باشا الكهية ولكن سرعان ماحسم علي باشا الكهية الصراع لصالحه. دام حكم علي باشا الكهية حوالي خمس سنوات وكانت سنوات حكمه مليئة بالقلاقل والمخاوف والصراعات وفي سنة 1807 وبينما كان علي باشا الكهية يقيم صلاة الصبح قام رجل يدعى مدد بك وقد كان هذا الرجل من المقربين لعلي باشا غير انه كان يضمر له الشر ويحقد عليه فهجم عليه وقد كان يصلي بجانبه وأغمد خنجره في خاصرته وسقط علي باشا الكهية صريعا على الفور. تولى ابن أخت علي باشا الكهية ويدعى سليمان باشا ولقب بعد توليه الولاية في بغداد بسليمان الصغير تميزا عن سلفه سليمان باشا الكبير. دام حكم سليمان الصغير حوالي ثلاث سنوات إذ قتل في يوم 6 تشرين الاول من سنة 1810 م. على أيدي الجيش العثماني بقيادة حالت أفندي بعد معارك طاحنة بينهما. وتم تعيين عبد الله آغا التوتونجي واليا على بغداد. لم يدم حكم عبد الله آغا التوتونجي سوى سنتين ونصف وقد قضى تلك المدة القصيرة في خوف دائم من سعيد بك وحزبه إذ كان الكثير من المماليك يميلون إلى سعيد بك ويعطفون عليه وفاء لذكرى أبيه سليمان الكبير وقد أدى هذا الأمر إلى إشعال الحرب بين كلا الطرفين ومقتل الوالي عبد الله آغا التوتونجي في بلدة سوق الشيوخ مع كهيته (معاون الوالي) بعد أن تم أسرهما. بعدها دخل سعيد باشا ومعه شيخ المنتفق حمود الثامر بغداد في يوم 16 أيار من سنة 1813. وقد أعطى سعيد باشا لشيخ عشيرة المنتفق حمود الثامر حكم منطقة البصرة نتيجة مساندته إياه في حربه ضد الوالي السابق عبد الله آغا التوتونجي أدى استفحال طغيان حمود الثامر على ولاية البصرة على الناس إلى ثورة عارمة في صفوف العشائر إضافة إلى وجود ما يقارب أربعين ألف زائر من بلاد فارس في مدينة كربلاء والذين بقوا محاصرين فيها خوفا من تعرضهم لأعمال نهب وسلب من قبل تلك العشائر. ولم يجد سعيد باشا غير من تعين زوج اخته داود باشا بمنصب الكهية فأستطاع الأخير من إخماد ثورة العشائر باستعمال القوة ولكن ما أن إنتهى داود باشا من القضاء على ثورة العشائر في الجنوب حتى أصدر سعيد باشا قرارا بعزل داوود باشا من منصبه وذلك بعد إلحاح شديد من قبل نابي خانم والدة سعيد باشا. وسرعان ماتردت الأوضاع في العراق من جديد نتيجة لإهمال سعيد باشا شؤون البلاد وفي شهر أيلول من سنة 1816 م غادر داود باشا مدينة بغداد خلسة بصحبة مجموعة من أتباعه. واستطاع داود باشا من أن يحصل من السلطان العثماني بولاية بغداد بدلا من سعيد باشا

نهاية سعيد باشا وتولي داود باشا مقاليد السلطة

في يوم 7 كانون الثاني من سنة 1817 م جرت معركة ما بين أنصار سعيد باشا وما بين أنصار داود باشا خارج سور مدينة بغداد من جهة منطقة باب المعظم وقد لعبت المدافع دورا هاما في هذه المعركة كما قام فرسان شيخ عشيرة المتنتفق حمود الثامر بحركة هجوم مباغتة جعل النصر يميل إلى جانب سعيد باشا فاضطر داود باشا على إثر هذه المعركة بالابتعاد بقواته عن مدينة بغداد بغية الاستراحة ولم الشمل وقد ظن سعيد باشا من إن الخطر قد زال عن بغداد فسمح لشيخ عشيرة المنتفق بالعودة مع أتباعه إلى مناطقهم وفتحت أبواب بغداد من جديد لزوال الخطر  ولكن الحال لم يستمر طويلا بسبب وجود داود باشا مع قواته وتهديده المستمر لبغداد جعل أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر إضافة إلى نشر أنصار داود باشا الإشاعات وتحريضهم أهالي بغداد على الثورة ضد سعيد باشا فانتشرت الفوضى في بغداد والمناطق المحيطة بها وكثر السلب والنهب حينها اجتمع أعيان بغداد وعلماؤها وكتبوا محضرا وارسلوه إلى داود باشا يحثونه على الإسراع بالقدوم إلى بغداد لإنقاذ الأهالي مما أصابهم. وفي يوم 20 شباط من نفس السنة دخل داود باشا مع قواته مدينة بغداد وسط استقبال جماهيري حافل من قبل الأهالي أما سعيد باشا فقد قتل من قبل سيد عليوي رئيس الانكشارية بعدما وجده لائذا بحضن آمه السيد نابي خانم

نهاية حكم المماليك في العراق

تولى داود باشا مقاليد الحكم في العراق في شباط من سنة 1817 م وواجهت داود باشا خلال سنين حكمه ثورات قامت بها العشائر العراقية المختلفة إضافة إلى دخوله في نزاع مع الدولة القاجارية في فترات مختلفة من سنوات حكمه التي امتدت على مدار 14 عاما. كما اهتم داود باشا بالجيش وأولى به عناية خاصة فقد قام داود باشا باستقدام المسيو ديفو كان المسيو ديفو أحد ضباط الجيش الفرنسي إبان حكم نابليون بونابرت وقد كان يعمل في تدريب جيش والي كرمانشاه قبل استدعائه للعمل عند داود باشا لتدريب الجيش. كما قام داود باشا باستحداث أول صحيفة في بغداد باسم جرنال العراق باللغتين العربية التركية   وغيرها من الإصلاحات التي أحدثها الوالي في العراق والتي تشبه إلى حد ما إصلاحات محمد علي باشا إبان حكمه لمصر . وفي سنة 1828 م أعلنت الامبراطورية الروسية الحرب على الدولة العثمانية وذلك دعما الثورة اليونينية التي كانت قائمة آنذاك ضد الحكم العثماني وكان من المقرر من أن يرسل داود باشا مامقداره 6000 كيس من الذهب لدعم الدولة في حربها ضد روسيا ولكن داود باشا امتنع عن إرسال هذا المبلغ ففسر امتناعه هذا في الأستانة بمثابة إعلان عصيان على الدولة واعتبر كأنه تخلى عن سيده السلطان في أحرج المواقف وأساء إلى هيبته في سنة 1830 أرسل السلطان العثماني محمود الثاني إلى بغداد أحد رجالاته الموثقين يدعى صادق أفندي وكانت مهمته هي التخلص من داود باشا أحس داود باشا بالمكيدة التي دبرها له السلطان وبمغزى قدوم صادق أفندي مبعوثا من السلطان إلى بغداد كان لمقتل صادق أفندي صدى واسع في الأستانة وفي مختلف الولايات العثمانية كلف السلطان العثماني محمود الثاني والي حلب علي رضا باشا بإعداد جيش ضخم للهجوم على بغداد وفي أوائل شهر شباط من سنة 1831 تحرك الجيش من حلب نحو بغداد  وفي أواخر شهر أدار بدأ مرض الطاعون القادم من مدينة تبريز بالانتشار في بغداد وقد أفسد ظهور هذا المرض كل الخطط التي أعدها داود باشا لمقاومة الجيش العثماني القادم من مدينة حلب. دخل الجيش العثماني بغداد يوم 14 أيلول من سنة 1831 م بعد حصار طويل عليها  وبعد إحكام السيطرة على بغداد وإستباب الأمن وضع علي رضا باشا خطة متقنة لقتل المماليك حيث تظاهر في بادئ الأمر بالرضا عن المماليك وولى بعضهم مناصب رفيعة في الدولة وفي ذات يوم دعا علي رضا باشا المماليك مع جماعة من اعيان بغداد وعلمائها إلى اجتماع بحجة الاستماع لقراءة الفرمان الذي وصل مؤخرا من الأستانة ما أن شرب جميع المدعوين القهوة ودخنوا الجبوق حتى انهال الجنود الألبانيين الذين أحضرهم علي رضا باشا بقتل جميع من كان مدعوا لهذا الاجتماع  أما داود باشا فقد تم إلقاء القبض عليه وإرساله معززا مكرما إلى الأستانة

علاقة المماليك بالحركة الوهابية

بدأت الحركة الوهابية تهدد العراق من منذ سنة 1790 وصارت الجماعات المنضوية تحت لواء الحركة تهدد مراعي الظفير، المنتفق والشامية وبدأ دعاة الحركة بنشر الدعوة في المدن والأرياف وفي سنة 1796 م استولى الأمير عبد العزيز بن سعود على منطقة الاحساء التي تتاخم العراق من الناحية الجنوبية وفي عام 1797 م كلف سليمان باشا ثويني شيخ المنتفق بحرب الوهابيين ولكن الثويني قتل بعد أن هجم عليه عبد زنجي في عين الشبيك بمنطقة الإحساء. أدى مقتل الثويني إلى فوضى في صفوف الجيش وقد انتهز الوهابيون هذا الأمر فاستطاعوا من هزيمة الجيش الذي كان يقوده الثويني. وفي سنة 1798 م أعد سليمان باشا الكبير حملة عسكرية كبيرة بقيادة الكهية علي باشا ووصل الجيش الذي كان يقوده الكهية إلى قلعتي الهفوف والمبرز ولكن مدافع الجيش عجزت عن هدم أسوار القلعتين كما الكثير من البعران بدأت تهزل وتموت وضج الجنود في الجيش نتيجة من عدم وجود جدوى للقتال والاستمرار فيه وفي شهر تموز من عام 1799 م عادت حملة الكهية إلى بغداد بعد أن عقد الطرفان الصلح وتم توقيع مراسم الصلح هذا في بغداد بحضور وفد يمثل الوهابيين. وفي يوم 22 من شهر نيسان من سنة 1802 الموافق 18 من شهر ذي الحجة من سنة 1216 هجرية هاجمت مجموعات مسلحة من الحركة الوهابية مدينة  كربلاء وقد دخلوا المدينة على حين غرة لأن هذا اليوم يصادف أحد الأعياد عند الطائفة الشيعية وهو عيد الغدير وبدؤا يقتلون كل من يلقونه في طريقهم حتى الشيوخ والنساء والأطفال أدى مقتل الأمير عبد العزيز بن سعود في أواخر سنة 1803 م بيد شخص أفغاني كان مقيما في بغداد يدعى الملا عثمان بينما كان الأمير يصلي بالناس بالدرعية عاصمة الإمارة إلى تجدد الصراع من جديد حيث تمت مهاجمة المراعي التابعة للعشائر العراقية وتمت مهاجمة بلدة الزبير ومحاصرتها وقد دام الحصار عليها حوالي 12 يوما وفي فترة حصار الحركة للبلدة تم هدم جميع القبور والمشاهد الموجودة خارج سور البلدة كمشهد طلحة و الحسن البصري ولكنهم عادوا من حيث أتوا إذ لم يتمكنوا من فتح البلدة. وفي سنة 1806 شن الوهابيون هجوما على مدينة النجف ولكن هجومهم باء بالفشل. وقد أدى استمرار الجماعات الوهابية على الإغارة على المناطق المخصصة للرعي في منطقة الفرات الأوسط إلى عدم خروج الرعاة مع أغنامهم إلى البادية لخوفهم من هذه الجماعات  واستمر الحال على هذا المنوال إلى بداية الربع الأول من القرن العشرين .






أسماء حكام المماليك في العراق

الاسم       
فترة حكمه
سليمان باشا (أبو ليلة)
1762-1749
علي باشا(علي الأول(
1764-1762
عمر باشا  
1776-1764
مصطفى باشا الإسبيناخجي
1776-1776
عبد الله باشا
1777-1776
حسن باشا الكركوكلي
1779-1778
سليمان الكبير
1802-1780
علي باشا الكهية (علي الثاني)
1807-1802
سليمان الصغير
1810-1807
عبد الله آغا التوتونجي
1813-1810
سعيد باشا
1813-1817
داوود باشا
1831-1817


المصادر
1-    كتاب لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الأول   - الدكتور علي الوردي
2-    عباس العزاوي (تاريخ العراق بين احتلا لين)  الجزء السادس
3-    تاريخ المماليك في بغداد ، سليمان فائق - ترجمة محمد نجيب ارمنازي  .

المراجع
1-   كتاب لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث ج1 - الدكتور علي الوردي – الصفحات 152/157/156/160/161/162/163/164/165//168/170/ 250/ /270/267/277/289/290//209/134/167

2- عباس العزاوي (تاريخ العراق بين احتلالين) – الجزء السادس الصفحات 34/35/82/86/161/55/70/71
3- تاريخ المماليك في بغداد  الصفحات  44/45/46/43




هناك تعليق واحد:

أبحاث ودراسات