الثلاثاء، 7 مارس 2023

الفلسطينيين و البعد العربي ... الى اين ؟

الفلسطينيين و البعد العربي ... الى اين ؟

 د هاني جودة 

شكل البعد العربي للقضية الفلسطينية اهميه خاصه لدى القيادات الفلسطينية وذلك ادراكا منها بأهمية هذا البعد وحيويته في مجال اداره الصراع العربي الاسرائيلي وكذلك نتيجة لارتباط الدائم بين فلسطين والدول العربية ففلسطين ما هي الا جزء من الوطن العربي الممتد من المحيط الى الخليج , و على الجانب العربي اعتبرت جميع الدول العربية فلسطين هي قبله وبوصله الاستقرار للعالم العربي اجمع , و بالجانب الفلسطيني اولت منظمه التحرير الفلسطينية اهتماما خاصا ومركزيا للبعد العربي وذلك انطلاقا من رؤيتها للارتباط القائم بين فلسطين ومحيطها العربي وذهب الميثاق الوطني الفلسطيني الى اعتبار الوجود العربي في ذاته مرهون بمصير القضية الفلسطينية وان التهديد الصهيوني في فلسطين المقصود به الضرر بالعالم العربي ككل  وان تحرير فلسطين هو واجب قومي تتحمل مسؤوليته كاملة الامه العربية شعوبا وحكومات , وتشكل القناه العربية عنصرا هاما للدبلوماسية الفلسطينية اذ ان من خلالها تتمكن الدبلوماسية الفلسطينية من حشد قوى العالم للتأثير لصالح القضية الفلسطينية وتتمكن من خلالها ايضا النفاذ الى القنوات الإقليمية والدولية على حد السواء ويرجع ذلك الى كون الدول العربية تشارك في جميع المحافل الدولية والمنظمات مما منح الدبلوماسية الفلسطينية دافع قوي للعمل التشاركي مع العرب , رغم المكاسب التي حققتها منظمه التحرير على المستوى السياسي باعتبارها واجهه التحرر الفلسطينية الا ان حجم الدعم المقدم للاحتلال دبلوماسيا وعسكريا واقتصاديا يفوق ذاك المقدم الى منظمه التحرير الفلسطينية منذ نشأتها ولذلك يعتبر دائما النفوذ العربي والفلسطيني على حد سواء ضعيفا امام النفوذ والقدرة التي تتمتع بها حكومات الاحتلال التي ترتكز على الاساس الذي توفره القاعدة الإمبريالية الغربية .

ولقد اصيب الموقف العربي الذي كان يسمى اجماعا عربيا باضطراباً كبيراً عندما طرح الرئيس الامريكي السابق ترامب صفقه القرن فاحدث شرخا كبيرا في الصف العربي حيث ذهبت الامارات والبحرين وتبعتهم بعض الدول العربية الى تطبيع علاقات كامل مع الاحتلال الاسرائيلي وتبنت موقفا وسطيا حيث ساوت بين الضحية والجلاد وادانت الاعمال البطولية الدفاعية الفلسطينية وجعلتها مستنكره ومشجوبة ووقفت مكتوفة الايدي امام الاعتداءات الاسرائيلية ، ان التطبيع العربي قد اضعف القضية الفلسطينية التي تعرضت لهزه كيانيه كبيره اثر احداث الانقسام الفلسطيني عام 2007 واليوم تتربع حكومات الاحتلال المتعاقبة على اسس متينه من القوه فالموقف الفلسطيني اصبح اكثر ضعفا بالانقسام وبالتطبيع العربي وكذلك فانه لا يمكن اغفال استمرار الدعم الامريكي لإسرائيل ومساندتها في جميع المحافل فما كان منظمه التحرير الفلسطينية الا ان توجهت الى الامم المتحدة على المستوى الدبلوماسي بهدف الحصول على صفه عضويه للدولة الفلسطينية وهذا الاعلان قوبل  بمعارضة أمريكية وإسرائيلية شديده لان فكره الدولة الفلسطينية محرمه في التفكير الصهيوني وقد حصلت فلسطين على عضو مراقب في الامم المتحدة وعلى اثر ذلك تمكنت من التوقيع والدخول والمشاركة في العديد من المعاهدات والمنظمات الأممية .


ومما سلف يمكن لنا التأكيد على التالي

أولا : يجب ان يكون لدينا برنامجا بأهداف وطنيه دبلوماسية محدده بما يشمل ضرورة وضوح الرؤية والرسالة المراد ايصالها للعالم فان لم يكن الهدف واضحا والموقف صلبا يصعب تحشيد الدعم والمساندة الخارجية مهما كنا اصحاب حق وان الدبلوماسية الناجحة تعتمد في اصولها على برامج متعددة وبديلة ومتفق عليها ومواكبه للحدث ومتصلة وذات تأثير .

ثانيا : يجب علينا التأكيد على اهميه وحده الموقف الداخلي الفلسطيني  حيث تعتبر الوحدة الفلسطينية هي الركيزة الأساسية والمحورية لأي عمل دبلوماسي خارجي فالانقسام الداخلي يضعف الموقف العام  الفلسطيني ويدمر اي سعي لتحشيد الدعم الخارجي المساند .

ثالثا : ان تنسيق الجهد الدبلوماسي الفلسطيني ما بين السلطة الوطنية ومنظمه التحرير الفلسطينية للخروج من الازدواجية له , عمل مطلوب ويجب ان يكون على النحو التالي بان تسيطر منظمه التحرير على القرار العام الفلسطيني وعلى الجاليات  , وان تقوم الدولة الفلسطينية ووزارة الخارجية بممارسه عمل وزاره الخارجية .

رابعا : ان الدبلوماسية الفلسطينية تحتاج الى عمل راقي وافراد ذوي كفاءه فان تدريب السلك الدبلوماسي الفلسطيني وتطوير بجميع المناحي الإعلامية والثقافية والتاريخية والاقتصادية لهو امر مهم ومترابط ويعطي للسفارات وللعمل الدبلوماسي الفلسطيني حيوية ويحقق الاهداف.

خامسا : ان البعد العربي والاسلامي لأر
ض فلسطين تاريخيا ( زمانيا ومكانيا)  هو اساس لا يمكن انكاره , وعليه يجب ان تتكاثف الجهود مع كل القوى العربية ( حكومات , شعوب , برلمانات , أحزاب , قوى معارضة , جمعيات , مؤسسات , أندية .... ) فما شعب فلسطين الا امتداد حضاري وتاريخي ولغوي وديني الى امته العربية والاسلامية .

سادسا : لا يمكن اعتبار ان التطبيع العربي تم بموافقه الشعوب العربية الأصيلة فهو مرحله وسوف ينقشع غبارها وان تعزيز العلاقات العربية  العربية هو هدف سامي فلسطيني والتواصل مع تلك الشعوب يبقى مهمه الجهات الرسمية والشعبية الفلسطينية و ان توطيد العلاقات الفلسطينية العربية هو امر طبيعي وواجب ولا تقف بوجهه السدود  .

سابعا : التركيز المستمر على حشد التأييد الخارجي من اجل تحقيق الاهداف الفلسطينية بما في ذلك متابعه وتحليل الراي العام العالمي في الدول ذات التأثير في مجلس الامن وكافه الدول المشاركة في الجمعية العامة يجب ان تقوم وحدات في وزاره الخارجية الفلسطينية بتقييم الاوضاع في تلك الدول والضغط والتحشيد من اجل القضية الفلسطينية وايصال كافه الانتهاكات الى الاعلام الخارجي وصناع القرار وللأحزاب في دول العالم.

 بقلم : د  هاني جودة
غزة / فلسطين المحتلة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات