السبت، 3 يناير 2015

العمل الإعلامي.. وحدود الحرية والتعبير



العمل الإعلامي.. وحدود الحرية والتعبير..!
بقلم هاني جودة  - غزة

لقد بات توفير الحرية المسئولة للتعبير عن الآراء المتنوعة مطلباً جماهيرياً لدى كل المجتمعات المتطلعة لحياة أفضل ومستوى أعلى من الوعي ففي فسحة منح حرية التعبير ما يمكن أن يقرب الآراء لخلاصات جديدة ويسد ثغرة باب العداء بين أنداد الرأي وأحياناً الموقف. إن العديد من سجون العالم اليوم رغم شيوع الدعايات الرسمية التي تسمى حكومات ما على كونها صائنة لحرية الإعلام والتعبير والاستشهاد بكون عدة صحف تصدر في بلدانها برهاناً على مصداقية إدعاءاتها لكن الواقع يظهر صورة أخرى لما هو جارٍ إذ من الانطباع الاجتماعي العام الممكن التنويه عنه أن تعداد الصحف في بلد ما ليس دليل صحة على ممارسة حرية الصحافة مثلاً حيث من المعلوم تماماً أن االجهات الرسمية هي التي تسيطر على معظم تلك الصحف وأن بدت أهلية في عدد منها وذلك لأن متابعة (الرقيب الصحفي) لما ينشر في تلك الصحف أول بأول لكافٍ للقول أن حرية التعبير في تلك الصحافات مسألة شكلية ولا يصح أن تسمى بأنها صحافة حرة تتمتع بالاستطاعة كي تعبر عن المواضيع الأكثر سخونة التي تهم المجتمع المحلي أو الإقليمي أو العالمي. في حين أن هناك عدد من الصحفيين يرزحون في سجون دول تدعي الحرص على استمرار منحها للحريات الصحفية وعند التدقيق بحقيقة هؤلاء الصحفيين يتضح أنهم قد سيقوا إلى غياهب السجون بسبب مقال كتبوه أو رأي صرحوا به واعتبروا مخالفون لما هو مألوف على صعيد عملهم الصحفي المهني. وطبيعي فهذا التجريم اللامبرر كان يمكن أن يحل بدراسة المادة الصحفية المنشورة من قبل الدوائر المختصة أو الأشخاص الرسميين ذو العلاقة ويردوا على تلك المادة المنشورة عبر فتح سجال صحفي – إعلامي وعلى اعتبار أن الحكم الأخير للجمهور. الواقع إن ما يعبر عنه أي صحفي من آراء ليس هو خلاصة أخيرة لما يمكن أن يقال أو لا يقال فلقد تعلم الداعون أن بعض السلطات تخشى من حرية الصحافة وبالذات في بعض دول العالم النامي تحسباً من أن يفقد شخوص في تلك السلطات من هيبتهم. ومن هنا،يلاحظ أن بعض السلطات السياسية الحاكمة ورغبة منها في ملافاة ما يمكن أن يسببه لها إطلاق الحريات الصحفية بصورة كاملة من صداع سياسي هي في غنى عنه مع أن تلك السلطات تملك جيشاً جراراً من الصحفيين المرتزقة الذين تستطيع تسخير أقلامهم لتضاد الصحفيين الآخرين وليس غريباً أن تضطر بعض السلطات إلى إصدار قوانين للصحافة في بلدانها كي تضبط صمام الأمان حتى لا ينفجر على سوء توجهاته وبالذات في المجال السياسي. ومن المؤكد أن حجب حرية التعبير في أي بلد ليس من صالح أي سلطة سياسية عاقلة لأن ترويض الشعوب على تقبل الكبت ليس فيه ما يشير إلى فهم معنى المصلحة العامة التي تتيح كل حكومة على وجه الأرض ودون أي استثناء لذلك فإن ما يثير الضحك والإشمئزاز أحياناً حين توجه سلطة معينة تهمة العداء أو المعارضة لصحفي ما وبالذات إذا وجه نقداً إيجابياً لحاكم دولة يعتبر في قياس جهاز الرقابة الذي غالباً ما يكون غير ثقافياً أنه حاكم ذو عصمة رغم أخطاؤه القاتلة التي تنفذ ترجمة لأوامره التي غالباً ما تتسم بالعجالة وغير مدروسة، وأكيد فإن تعميم مثيل هذه الحالات يضعف من حالة التواصل الودي بين (الحاكم والمحكوم). إن بعض الصحف المسموح لها بالصدور وبالذات حين تكون صحف أهلية ،حازت على قدر كبير من ثقة القراء بها،فإن رؤساء تحريرها وبعض العاملين بها يضعون ظلماً على قائمة المناوئين للنظام الحاكم وليس على قائمة الناقدين لبعض السياسات السلبية أو المتحفظة في بلدانهم لذا فإن ما يلاحظ من قرارات غلق الصحف سواء بصورة مؤقتة أو دائمة دون توفر أسباب قوية ما يثير الاستنكار لدى الطبقات الواعية والثقافية. والجدير بالايضاح،أن حرية التعبير التي هي جزء الحريات العامة المقررة في كل الدساتير الحضارية كي تكون في خدمة الإنسان ثقافياً هي مسألة مركونة مع أن المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد أوصت لضرورة الالتزام بحرية الرأي والتعبير، والغريب بهذا الصدد أن لا دولة على الأرض لم توقع ذلك الإعلان حتى الآن ولكن الالتزام به مازال بعيداً عن الواجب اتجاهه والالتزام به. لقد توسع العمل الإعلامي وأخذ التعبير يطرق أبواباً جديدة وطرق حديثه ففي بعض الدول تصل الصحف بكل يسر إلى منازل المشتركين بها وهم يطالعون حتى الفضائح ضد حكامهم وفي اقتحام الإنسان لتسخير كفاءات أجهزة الانترنيت والكمبيوتر والبريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية غدت وسائل ممكن الاستفادة القصوى من جوابها الإيجابية ضمن خط توظيف المعلوماتية لصالح الوعي الحقيقي. وصحيح أن في التعامل التقني شيء من الصعوبة لكن التقنيات الحديثة أصبح لها دور في تسريع عملية الوعي نتيجة لسهولة ما يمكن استحصاله بواسطتها وأن حل مشكلة منح إطلاق الحريات الإعلامية المسئولة تحتاج إلى مرونة لمن يريد أن يفهم حقوق المجتمعات على سلطاتهم.


إميل الكاتب  hani_jouda@hotmail.com   



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات