الاثنين، 11 فبراير 2019

الاعلام الاسرائيلي بين الاهداف والتطور

الاعلام الاسرائيلي بين الاهداف والتطور 

في دولةٍ تأسست بطابع عسكري تأخر بها انشاء وزارة خاصة بالإعلام حيث  اعتبرت وزارات الاستعمار جميعا حول العالم هي وزارة الاعلام الأولى للكيان الاسرائيلي الناشئ في أرض فلسطين  , لقد تأخرت اسرائيل كثيرا في انشاء حقيبة وزارية خاصة بـ "الاعلام "  حتى عام 2009 في عهد حكومة بنيامين نتنياهو  واخذت اسم وزارة الاعلام والشتات ! حيث تمارس المؤسسة العسكرية والأمنية سطوتها على ما يبثه الإعلام الإسرائيلي؛ مستلهما الأيديولوجية الصهيونية في التفكير والتوجيه والتعامل مع كل القضايا التي تخص مستقبل دولة اسرائيل !
وزارة الإعلام والشتات  هي وزارة في الحكومة الإسرائيلية، أنشأت في مارس 2009 في عهد حكومة بنيامين نتنياهو. تهدف الوزارة إلى تحسين صورة دولة إسرائيل في الخارج. وقد أقامت حملة اسمها " كل مواطن سفير "، الحملة تتخذ عدة طرائق للوصول إلى هدفها، فقد أنشأت موقع ويب، وبثت إعلانات تفلزيونية ونشرت كتيبات في مخلتف أنحاء إسرائيل. انتقدت هذه الحملة من قبل الصحافة الأجنبية الإسرائيلية على السواء(1) في إطار مواجهة تقرير غولدستون، قال رئيس الوزارة يولي أدلشتين للأمين العام للأمم المتحدة أن تقرير غولدستون "يشكل قاعدة لمن يريدون التنكر للمحرقة، للاسامية وكراهية إسرائيل(2)
أن يتم تشويه الحقيقة، واختلاق كذبة لتصبح حقيقة في الإعلام الإسرائيلي، ليس غريبًا أو خارجًا عن نطاق الممارسات السياسية الإسرائيلية، بل يدخل في صلبها، وهذا أسلوب يؤكد أن القاتل لم يجد ملجأ يُسَوِّغ من خلاله ممارساته إلا بالافتراء على الضحية عبر اتهامها بأنها سبب الجريمة التي استحقها، ولعلنا نذكر المقولة الشهيرة لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة، غولدا مائير، حين قالت: "لن أسامح الفلسطينيين؛ لأنهم يجبرون جنودنا على قتلهم". 
يبدو صعبًا إدراك أبعاد العمل الإعلامي الإسرائيلي دون فهم الأهداف القومية الإسرائيلية العامة، وما يتفرع عنها من أهداف خاصة، والتلازم الكامل القائم بين العمل الإعلامي الإسرائيلي وتلك الأهداف   . وهنا يمكن رصد ملاحظات عامة على الإعلام الإسرائيلي الذي يغطي الأحداث الفلسطينية، منها:
  • خضوعه مباشرة لأجهزة الأمن الإسرائيلية، فهو لا يزال إعلامًا ذا مدلولات أمنية، مرتبطًا وموجَّهًا، ويحتل العامل الأمني مركز الأهمية القصوى في تعامل الحكومة مع وسائله.
  • ترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور العربي الفلسطيني الذي ظل مكشوفًا، وإلى حدٍّ كبير، للإعلام الإسرائيلي، ولم تكن هناك وسائل أخرى قادرة على التصدي، ومقاومة هذا التأثير.
  • تبذل الحكومة الإسرائيلية بمختلف وزاراتها جهودًا حثيثة على المستوى الإعلامي تحقيقًا لأهدافها السياسية، عبر سلسلة من الإدارات المتخصصة، لاسيما وزارة الخارجية التي تعتبر بكاملها جهازًا إعلاميًّا متكامل النشاطات، بل تُعَدُّ ركيزة الإعلام الإسرائيلي الخارجي، الموجه لدول وشعوب العالم الخارجي، الساعية للحصول على تأييد دولي عالمي فيما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
  • تستقطب الدوائر الإعلامية الإسرائيلية كوادر إعلامية متنفذة من جميع بلدان العالم، خاصة أميركا وأوروبا، والتعاقد مع شركات كبرى تعمل في مجال الدعاية، والتأثير في الرأي العام.
  • تقوم الدوائر الرسمية الإسرائيلية بإرسال إعلاميين وصحفيين يهود للخارج، لتعميم تلك الثقافة المطلوبة، عبر مطويات ونشرات ووسائل دعائية تكلف الملايين، لنشرها وبثها عبر عواصم العالم.
  • تنظيم زيارات دورية لعدد من الصحفيين العرب، لمحاولة تغيير الصورة النمطية عن إسرائيل في الذهنية العربية، وكان آخرها في أوائل فبراير/شباط 2018
وقد نظر الإعلام الإسرائيلي للصراع مع الفلسطينيين والعرب منذ بداياته الأولى، من منظار الأمن، وكثيرًا ما يكتفي بما تمليه عليه الأجهزة الأمنية من معلومات، مستخدمة التضليل فيها؛ حيث انتهج الإعلام الإسرائيلي منذ بداية هذا الصراع، مبادئ أساسية في تغطيته لأحداثه، وهي:
       اللمسة الإنسانية، من حيث ذكر أسماء الآباء والأطفال اليهود، مما يضفي الطابع الإنساني والشخصي على ما تسميه "الإرهاب" الفلسطيني الذي تواجهه إسرائيل كل يوم.
       السؤال البلاغي، حتى المؤيدون للفلسطينيين يواجهون صعوبة في الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليهم، حيث انتهج المتحدثون الإعلاميون الإسرائيليون طرح المزيد من الأسئلة البلاغية غير القابلة للإجابة كجزء من جهودهم الإعلامية.
       الاعتراف بوجود فرق ثقافي بين الإسرائيليين والفلسطينيين لكي يجد الغربيون أنفسهم قريبين من الإسرائيليين، نظرًا لاشتراكهم في الثقافة نفسها، وكذلك التقاليد والقيم.
ملاحظات عامة على الإعلام الإسرائيلي في تعامله تجاه الفلسطينيين، ومنها:
  • الخضوع بشكل مباشر وغير مباشر لأجهزة الأمن الإسرائيلية؛ حيث يُدار بعضها من داخل ديوان رئيس الوزراء، لاسيما الإذاعة الناطقة باللغة العربية، التي تحمل مدلولات أمنية، فهي مرتبطة وموجهة للمحيط الشعبي الفلسطيني الهائل، ويحتل العامل الأمني مركز الصدارة والأهمية القصوى في تعامل الحكومة الإسرائيلية معها.
  • تقوم برامج الإذاعة والتليفزيون في إسرائيل بترسيخ آراء مختلفة ومشوشة في نفوس الجمهور الفلسطيني الذي ظل مكشوفًا لها، ولم تكن هناك وسائل عربية وفلسطينية قادرة على التصدي لها، ومقاومة تأثيرها.
  • يحظى الإعلام الإسرائيلي باهتمام عدد لا يستهان به من المستمعين الفلسطينيين لأسباب عديدة لعل أهمها تلك الفجوة وعدم الثقة بين المستمع الفلسطيني والإذاعات المحلية.
  • استُخدمت الإذاعة الإسرائيلية الناطقة بالعربية على سبيل المثال، من قبل المخابرات الإسرائيلية كمصدر للمعلومات السياسية والأمنية، وذهبت هذه الأجهزة بعيدًا في توظيفها، لتكون أدوات طيعة في عملها في مجال إسقاط الفلسطينيين والعرب، ودفعهم للعمل لصالحها من خلال بعض البرامج الاجتماعية والفنية
·         

ا الرقابة العسكرية 

تعتبر الرقابة العسكرية حلقة مهمة في سلسلة حلقات تعامل الإعلام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، ومهمتها إملاء المواقف المحددة في الموضوعات الأمنية، ورغم التطور الكبير الذي شهدته وسائل الإعلام الإسرائيلية في مجال النقاشات اليومية والشؤون السياسية، إلا أن الجانب الأمني ما زال متحكمًا في انطلاقتها، فارضًا نفسه بقوة عليها، بداعي المصلحة الأمنية. وهناك بعض الموضوعات تعتبر أسرارًا لا يمكن للصحافة التعاطي معها، حتى لو روجتها وسائل الإعلام الخارجية، ومن هذه الأمثلة: العمليات الاستشهادية، وخطف الجنود ومقتلهم. وقد قرر الجيش الإسرائيلي تقليص التغطية الإعلامية لعملياته في المناطق الفلسطينية، بعد سماع انتقادات حكومية وجهتها إليها؛ لأن صور الجنود المحتلين ليست مرغوبة "لمن هم وراء البحار"، وبالتالي تم تغيير السياسة بحيث تتحول لتواجد مكثف للجنود مقابل تغطية إعلامية محدودة، والقول بأن الأمر يدور عن عملية محدودة، وليس احتلالًا واسعًا(3).
ليس ذلك فحسب، بل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية واجهت مطالبات عديدة بعدم بث بعض الأخبار والأحداث بحجة أنها مواد دعائية معادية، ومنها خطابات زعماء المنظمات الفلسطينية؛ لأن هدف هذه الخطابات بث الخوف واليأس وسط الجمهور الإسرائيلي. كما أن بث أشرطة الفيديو لمنفذي العمليات الفدائية في وسائل الإعلام الإسرائيلية لا يخدم الهدف الرسمي، بل يخدم التأويلات المقصودة لـ"العدو"، ومن ثم يجب على الإعلام الإسرائيلي ألا يتعاون معه في هذا المجال، ولم يعد الجمهور الإسرائيلي معنيًّا بأن يصل "الفلسطيني الانتحاري" في المساء إلى صالون بيته، بعد أن زاره ظهرًا في المجمع التجاري. وكانت حجة الحكومة الإسرائيلية في هذا المنع أن "تلك الزعامات الفلسطينية أعداء لنا"، ولا يمكن أن نقدم لهم منصة للخطابة.
وكجزء أساسي في العملية الرقابية، استخدمت وسائل الإعلام الإسرائيلية عددًا من المصطلحات الانتقائية الدلالة والتعبير فيما يتعلق بالأحداث التي تخص علاقة إسرائيل مع الفلسطينيين؛ حيث لم يقتصر اختيارها على مصطلحات معينة لتستعمل مرة واحدة فقط، بل من الملاحظ أن كثرتها أصبحت ثابتة، وذات استعمالات متكررة في حالات مختلفة، وتجدر الإشارة إلى أن أسلوب الانتقائية في إيراد المصطلحات ليست قاعدته صحفية إعلامية فحسب، بل هي في عمقها سياسية وعقائدية(4).
هدف الإعلام الإسرائيلي بالأساس إلى التقليل من شأن الفلسطينيين كشعب، وأبرز نموذج على ذلك استبدال كلمة الفلسطينيين بعبارة الشعب الفلسطيني، ولكل من العبارتين مدلول كبير، وإن متابعة وسائل الإعلام الإسرائيلية تثير أسئلة عديدة حول مهنية ومصداقية مراسلين ومحررين وصحف، ليس فقط بما يقولونه، بل أيضًا بما لا يقولونه. وفي تغطيتها للأحداث الفلسطينية، انتهجت وسائل الإعلام الإسرائيلية أسلوبًا لترويج الموقف الرسمي، وقد اتضح ذلك بصورة جلية في إضراب الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية خلال أبريل/نيسان 2017(5) 
يمارس الإعلام الإسرائيلي سياسة غريبة قامت على لوم الضحايا الفلسطينيين، ليس لأن آلة القتل الإسرائيلية حصدتهم جماعات وفرادى، بل لأن أجسادهم تصدت للرصاص الإسرائيلي، وبدا أن الإعلام الإسرائيلي لا يبالي بقتل الضحية الفلسطيني، بل بتعب الجلاد الإسرائيلي في قتلها، فالإعلام لا ينظر للجثة الهامدة، وإنما يفكر كم أتعبه قتل هذه الضحية! وقد تبنَّى هذه السياسة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي يحرص على توجيه أعماله بقصد الدفاع عن النفس ضد المسلحين، ومن يرسلهم، وإذا قتل أطفالًا أو أبرياء آخرين، فهذا نتيجة لهذه الأعمال، أو نتيجة خطأ محض، فقط
ووردت تعليقات إسرائيلية مختلفة تبرر قتل الفلسطينيين، تشير لعدم وجود ما يُعرف بالحرب النظيفة، فلا يجب على إسرائيل أن تتأسف على الإصابة غير المقصودة بالمدنيين الفلسطينيين في إطار حربها ضد الإرهاب؛ لأنها حرب شاملة، كما أن المدنيين الذين يقدمون المأوى والدعم للمسلحين، لا يستحقون أن يطلق عليهم مصطلح الأبرياء، ولا ينبغي ذرف الدموع والتأسي على الإصابة غير المقصودة ضدهم. بل إن ما حدث في جنين إبَّان تنفيذ عملية السور الواقي في الضفة الغربية عام 2002، وخلال الحروب الإسرائيلية الثلاثة على غزة في أعوام 2008 و2012 و2014، كان مدار بحث ونقاش أكاديميين لدى المؤسسات الإعلامية الإسرائيلية، وخلاصة ذلك أن ما حدث من دمار ومعاناة للفلسطينيين، لا نستطيع تجاهله، ولكن يجب أن نعلم أن ذلك نتيجة ذنب المسلحين الذين حولوا السكان المدنيين إلى دروع بشرية
وفي حين تنتهج وسائل الإعلام الإسرائيلية أسلوبًا شبه موحد في تناول الأحداث ووصفها بمدينة الخليل بين الفلسطينيين والمستوطنين، باعتمادها رواية عن تراشق عشرات من الفلسطينيين والمستوطنين بالحجارة، مما أسفر عن إصابة عدد من الفلسطينيين، ولسبب لا يُعرَف، فإن الحقيقة أن غالبية المواجهات تنجم عن اعتداء يشنه المستوطنون على منازل الفلسطينيين ومحلاتهم التجارية، كما تنظر وسائل الإعلام الإسرائيلية لهذه الممارسات بأن المستوطنين اليهود يواصلون احتجاجاتهم في الخليل
ومع قرب احتفالات بيت لحم بأعياد الميلاد نهاية كل عام، دأب الإعلام الإسرائيلي على بث تقارير منها، عارضًا لصور المحلات التجارية الخالية من الزبائن، وإلقاء اللوم في تدهور الوضع السياحي على الفلسطينيين. وفي الوقت الذي تورد التقارير أن الجيش الإسرائيلي سمح لجميع المسيحيين والسياح بدخول المدينة دون أي قيود أو تصاريح رسمية، فندت بعض الفضائيات هذه المزاعم بسبب وجود الحواجز العسكرية على مداخل المدينة
ودأب التليفزيون الإسرائيلي على إجراء لقاءات مع بعض المسؤولين الفلسطينيين بالضفة الغربية بعد مقتل عدد من الإسرائيليين، فيطلب منهم المذيعون الإسرائيليون الانتظار لمشاهدة مقابلات مع ذوي القتلى الإسرائيليين، على نسق مواجهة الضحية لجلادها، ثم يسألونهم: ماذا تقولون لهذه العائلات؟ وبهذا يتحول الضحية الفلسطيني مسؤولًا عن مأساة هذه العائلة الإسرائيلية الثكلى. وهكذا يلجأ الإعلام الإسرائيلي لأسلوب لوم الضحية في حالات الاستخدام المفرط للقوة الذي تقوم به قوات الاحتلال ضد الجماعة المحرومة، الفلسطينيين، وتلازم نشر التقارير حول العنف الرسمي الذي تنفذه إسرائيل ضد هؤلاء مع معلومات تحاول تبرير تلك الأعمال، كالمعلومات المفصلة حول العنف ضد قوات الأمن، واتهام الأبرياء بأنهم كانوا يبيتون نية الهجوم(6)  

" لقد أسست وزارة الاعلام الاسرائيلية قنوات فضائية مثل i24 news  والعديد من القنوات الارضية والراديو خدمة للرواية الاسرائيلية وجميع هذه القنوات موجهة للمجتمات العربية والعالم الخارجي بهدف التأكيد على توجهات الحكومة الاسرائيلية التي تسمي دفاع الفلسطيني عن نفسه ارهاب دولياً , ونلاحظ هنا التداخل في العمل الاعلامي بين اعلام الجيش الاسرائيلي والاعلام الوزاري الحكومي لدى دولة الاحتلال وكثيرا ما نلاحظ آفيخاي ادرعي قد حمل العديد من الرسائل اثناء افطاره مع بعض الجنود من الطائفة الدرزية  , كل الاعلام العسكري للجيش هو اعلام موجه  بل يتخطى حدود اهداف وزارة الاعلام الاسرائيلية حديثة النشاة ! 


·         المراجع

1- صباح أيوب (02-03-2010). "جيش إسرائيل الجديد: قوّات الدبلوماسية العامّة". الأخبار اللبنانية (1056). تمت أرشفته من الأصل في 06-04-2010. اطلع عليه بتاريخ 27 مارس 2018. 2010
3- الحرباوي، نزار، "الرقابة العسكرية على الإعلام الإسرائيلي"، دنيا الوطن، 9/ سبتمبر/أيلول 2014، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2017):
4- منصور، جوني، "الاصطلاحية الانتقائية في الصحف العبرية"، قضايا إسرائيلية، العدد 9، يناير/كانون الثاني 2003، ص 88.
5- النيرب، باسل، "الإعلام الإسرائيلي: نماذج واقعية لتغطية الأزمات السياسية، موقع الحملة العالمية لمقاومة العدوان، 27 ديسمبر/كانون الأول 2010، (تاريخ الدخول: 21 أغسطس/آب 2017):
6- الإعلام الإسرائيلي يتبنى الرواية الرسمية ويتجاهل إضراب الأسرى"، الجزيرة نت، 12 مايو/أيار 2017، (تاريخ الدخول 12 يوليو/تموز 2017):


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات