السبت، 16 فبراير 2013

في الاحتواء للإنسان والمنظمات بقلم هاني جودة


في الاحتواء للإنسان والمنظمات
بقلم هاني جودة

تعريف الاحتواء..
الاحتواء هو دبلوماسية اللين والترويض واستخدام الأساليب اللينة والاسترضائية لبلوغ الأهداف - هذه السياسة انتهجتها الإدارة الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي خلال فترة الحرب الباردة , بعد الحرب العالمية الثانية، خرج السياسي والمفكر الأمريكي الشهير "جورج كنان" بنظرية مهمة، وعاقلة، وعملية، وقادرة على لم شمل المجتمع الدولي وقتها، وعرفت باسم نظرية الاحتواء (1) وهنا أضيف إلى مضمون النظرية جزءا استكماليا  , بما يتناسب مع واقعنا الدولي الآن وقد قست بالنظرية على الجانبين السياسي والاجتماعي .

((تتعدد البدائل الاختيارية والوصفية التي نلجأ إليها للتغيير من السلوك حتى نبلغ الهدف المراد وقد تفشل هذه البدائل في وضع الحل الأنسب الذي يقربنا من الهدف على اختلافه لذلك تعتبر عملية الاحتواء الأفقي أكثر السبل نجاحا لما تعتد عليه من أساليب سياسية تفاوضية سلمية عقلية في تحقيق الهدف , الاحتواء قائم على القدرة في الإقناع والمرونة والسلامة في الاستدراج العقلي , وعملية الاحتواء  تحتاج أن يكون القائم عليها نموذجا في القوة والتأثير قادر على الظهور بمظهر صاحب الرسالة السامية وعليه ان يكون مقتدرا في أحد النواحي الثلاث " ماليا , عسكريا , شعبيا "وسكون موقفه أكثر قوة  إذا جمع بين اثنين أو ثلاثة من نقاط القوة السابقة ))
وهذه النظرية قابلة للقياس الاجتماعي السياسي الأمني العسكري بما يحقق الأهداف المرسومة وأتمنى أن يكون كل اجتهاد بها هو لخدمة البشرية والأمن والسلم العالمي وأن لا تؤخذ كما صنعت بواسطة المفكر الأمريكي كنان  من اجل إشعال حرب باردة وسأتطرق للجوانب السلبية والايجابية للنظرية  , وهنا أبدأ  بدراستي لنمطين يمكن إن نطبق الاحتواء بهما وهما النمط السياسي والنمط الاجتماعي .

أولا النمط السياسي لتطبيق النظرية
الصراع الدولي لم ينتهي  فمنذ الأزل تتصارع الأقطاب والقوى المختلفة من أجل النفوذ والسيطرة والثروات والمصالح على اختلافها فتتشكل الأحلاف ويتكون معسكر الأعداء والحلفاء وتتجه الدول العظمى لعملية الاحتواء أو الاسترضاء أولا لأجهزة وجماعات وأفراد الدول المنافسة  - المعادية -  ثانيا للدول الضعيفة التي تمتلك ثروات او تعتبر ممرات دولية هامة وهذا ما نسميه "دول التخوم"  فتعمل الدول العظمى على طرح خياراتها ومساعداتها المختلفة لتحتوى فكر وثقافة وتوجه الأفراد والجماعات تحت مسمى نشر الديمقراطية وحقوق الانسان أو التبادل الثقافي الحضاري وهذا درب من دروب الهيمنة والاستعمار الغير مباشر فنرى مؤسسات وجمعيات دولية ومحلية تنصب عليها المساعدات بكل الأشكال لتمرير مشاريع الدول العظمى في هذا العصر وبالشكل الدولي الجغرافي هناك دول ضعيفة تقع بين دول كبرى –دول التخوم -  تسعى الدول الكبرى لاحتوائها وكسبها إلى صالحها وشبكها بخط نفوذها وهيمنتها وتقع غالبية دول العالم الثالث ضمن تعريف هذه الدول . ويتمثل النمط السياسي بأبشع صوره عندما يتشعب لاتجاهات الغزو الفكري بأنواعه , كذلك من أشكال الاحتواء السياسي ما تقوم به الدولة – المنظمة – من استرضاء الجماعات المحلية ويأخذ ذلك شكلان .
1- استرضاء الدولة لقوى اللوبي المهيمنة داخل الدولة اقتصاديا واجتماعيا على حساب أملاك الدولة أو أملاك الآخرين .
2- استرضاء واحتواء الدولة للجماعات الحقوقية المطلبية سواء كانت جماعات شبابية أو صالونات فكرية إصلاحية وذلك بأن تقوم الدولة بإدخال إصلاحات سياسية تحسن من أوضاع  فئات مهمشة  ورفع نسبة المشاركة السياسية للشباب مثلا بالعملية السياسية . وكذلك استرضاء النقابات المطلبية و أن تقوم الدولة بتعديل قانون معين استجابة لفئة مطلبيه.
عملية الاحتواء السياسي داخل الدولة هي سياسة فذة وعقلانية جدا من الرئيس الديمقراطي مالم يخضع لضغوط جماعات داخلية مدعومة بأجندة خارجية , ويراعى في عملية الاحتواء عدم المساس بحقوق الغير لأن فكرة الاحتواء السليم هي فكرة مقننة عقلانية تضمن توازي مصالح الجماعات ولا تدخل إضرارا بالغير , وقياسا على ذلك يمكننا أن نطبق الاحتواء السليم في المنظمات والمؤسسات المختلفة بما يحقق المصلحة العامة , وفي عملية إدارة المنظمات الدولية والأهلية والمحلية يمكن القول ان الاحتواء يمكن لنا ان نعبر عنه بشكل ديمقراطي لضمان تمثيل أوسع الشرائح وعدد كبير من الأفراد على صعيد المؤسسات والمصلحة في ذلك مقترنة بالأغلبية  كما بالعملية الديمقراطية تماما مالم يتم الاحتواء في المؤسسات بشكل يهمش الأغلبية ويعزز من قوة  الأشخاص  المسيطرين وهذا سيعكس بالغ الأثر السيئ على سمعة ومكانة وبقاء المنظمة .

ثانيا النمط الاجتماعي لتطبيق النظرية
تمثل حالة التربية للنشا أسمى ما يمكن استخدامه في السلوك المتبع في هذه النظرية ولأن الفرد السليم هو النواة الأولى في المجتمع السليم لا يمكن لنا إلا أن نصطدم بحالات فردية سلوكية مزعجة نستطيع أن نسيطر على ثمانين بالمائة منها في مرحلة النشأة التربوية الأولى لذلك فيبدأ تطبيق النظرية بشكل استدراجي مثالي من أجل تحقيق هدف مرغوب ربما يكون ذا طابع مثالي ويصاحب ذلك دوما للنشا بالتجربة والبرهان والأمثلة اللطيفة . اذا انصب تفكير الحدث تجاه قضية ما لو فرضنا مثلا انه اتجه بشكل مبكر للتدخين  فان من السليم إقناعه بمضارها الصحية  وبيان تلك المضار الخبيثة لهذا الداء , اذا قوبلت عملية الإقناع بإصرار وعناد من الحدث أقول : اذا كان تفكير واهتمام هذا الحدث – الشاب-  في هذه الفترة مدروس وعلوم انه اكبر بغية في الوصول ومقنن  فان السليم هو احتوائه ومن كان منهم في غير هذا الداء فبالتأكيد هناك شي يشغله بعضهم تلهيه ألعاب وبعضهم تلهيه دراسة  وبعضهم يلهيه الطعام والشراب بمقصد لا يوجد عقل بدون وازع تفكيري ( انا أفكر اذا انا موجود) ديكارت وفي هذه المرحلة لابد ان يكون هناك ثمة شي يشغل الشاب في تفكيره ز لهذا احتواء الشاب في تدخينه تحميه من الانحراف لما هو أخطر  وبمعرفة خجولة من ذويه أفضل بكثير من ان يذهب الى عالم الانحراف الأخطر فهذه دائرة منظمة وبكل مراحلها تكون تحت متابعة الأهل مكفولة بمتابعة طيبة محمودة يمكن احلال الود وأن يتجه الحدث بمفرده لترك هذه الداء وان استمر فسيكون ذلك سقفه وان لم يحتوى لمجرد سلوك فستأخذ العادة أبشع الطرق في حياته مستقبلا  ويمكن للاجتماعين ضرب الكثير من الأمثلة حول عملية الاحتواء الاجتماعي .
نظرية كنان بين الواقع والتطبيق
يوجد في السياسة الخارجية الأمريكية مذهب يسمى "المدرسة الواقعية" – ريال بوليتيك- ومن بين ممثليه هنري كيسنجر ، ويرجعه المؤرخون الى جورج كينان بالخصوص ونظريته في الحرب الباردة.
كما نعلم فإن "سياسة الاحتواء" هي مفهوم من مفاهيم الحرب الباردة، كان قد صاغه وبلوره، المؤرخ والدبلوماسي "جورج كينان"، في أواخر عقد الأربعينيات، في مقال شهير له نشر بمجلة "الشؤون الدولية" تحت عنوان "مصادر السلوك السوفييتي"، تحت اسم مستعار هو "اكس" ، بحكم حساسية منصبه كسفير للولايات المتحدة في موسكو حينئذ. ويمكن تلخيص فحوى ما دعا إليه "كينان"، في أنه وطالما لم يبادر الاتحاد السوفييتي بمهاجمة الولايات المتحدة ، فإن عليها ألا تهاجمه، وأن تعتمد بدلاً من ذلك، على "العصا والجزرة الاقتصادية"، وكذلك على الدبلوماسية والعمل الاستخباراتي، فضلاً عن الترويج لصحة وحيوية الرأسماليات الديمقراطية، بغية الفوز بالحرب الباردة. وكتب "كينان" في هذا المنحى قائلاً:"صحيح أن الروس يتطلعون إلى توسيع نفوذهم الإقليمي والدولي، لكن ومع ذلك، فإن على الولايات المتحدة الأميركية، أن تبنى سياساتها على أساس بعيد المدى، وأن تلتزم الصبر والحزم معاً، مع توخي اليقظة التامة في احتوائها للنزعات التوسعية الروسية". وكان في اعتقاده "أنه وبمرور الوقت، فإن الاتحاد السوفييتي آيل للانهيار من تلقاء نفسه، بسبب ضعفه وانعدام تماسكه الداخلي، وبسبب تمدده بعيداً وعلى نحو منهك واستنزافي، خارج حدوده السياسية والجغرافية". وقد أثبت التاريخ صحة ما ذهب إليه "كينان" (2).
غير أن ذلك كان في الماضي، ويتساءل العديد من المراقبين والمفكرين الأمريكيين اليوم : ماذا عسانا أن نفعل ، مع مخاطر ما بعد الحرب الباردة؟ ويذهب البعض، كإيان شابيرو ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ييل، الى أن "سياسات الاحتواء التي انتهجناها إزاء نظام صدام حسين، قد أخفقت في معرض أفضليات وخيارات المواجهة، أثناء الإعداد السابق للغزو، عندما وصفت إدارة بوش تلك السياسة بأنها لم تعد ملائمة للتصدي لجملة التحديات والمخاطر التي يواجهها عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر". و يضيف شابيرو : "إذا ما واصل تنظيم "القاعدة" شن هجماته وعملياته الإرهابية، و ظل الإرهابيون طلقاء يجوبون العالم كيفما شاؤوا، واستمرت حكومات "الدول المارقة"في مدهم بالسلاح وتوفير الملاذات الآمنة لهم– والحديث لا يزال للإدارة- فإنه ليس من وسيلة أخرى تحمي به أميركا وحليفاتها الديمقراطيات نفسها، سوى اللجوء إلى الإجراءات الراديكالية، سواء كانت حرباً احترازية استباقية، أم تغييراً قسرياً للأنظمة المارقة».
وقد كان هذا الاعتقاد، بمثابة عودة إلى سياسة "الدحرجة إلى الوراء"- أي تلك السياسة الرامية إلى طرد السوفييت وإخراجهم من دول أوروبا الشرقية- التي كان قد اقترحها كل من المرشحين جون فوستر دالاس، ودويت إيزنهاور، أثناء حملتهما الانتخابية لعام 1952، غير أنهما سرعان ما استبعداها، ما أن وصلا إلى قمة مواقع السلطة واتخاذ القرار في العام التالي، بدعوى لا عمليتها وعدم جدواها.
وشابيرو من المعجبين بكينان وسياسته الواقعية، لذلك فهو يذكر بأن هذا الأخير أدرك " منذ عقد الأربعينيات، أنه من الأفضل لو أن عملنا جميعاً من أجل عالم لا يسوده أحد». وبسبب تلك القناعة، فقد رحب كينان كثيراً بمناهضة الرئيس اليوغسلافي الأسبق، "جوزيف تيتو"، للهيمنة السوفييتية، تأسيساً على قاعدة أن انشقاق المعسكر الاشتراكي على نفسه، فيه مصلحة لمعسكر الرأسمالية الليبرالية. وهذا هو الدرس الذي غاب عن عين إدارة بوش الحالية. وقد لاحظ شابيرو أيضا أنه قد توفرت لهذه الإدارة، ميزانية مالية هائلة، لم تتوخ الحيطة والحذر، في تبديدها في حروبها ومغامراتها العسكرية الأخيرة، طوال السنوات الماضية. غير أنها باتت اليوم مواجهة بدين حربي مالي في العراق، فاق حد التريليون دولار، مصحوباً بعجز عام في الميزانية الحكومية، لا يخفى عن عين أحد من المراقبين.
ويقول شابيرو : "بدلاً من أن تنحو الإدارة منحى "كينان"، القائل بتشجيع إثارة الشقاق والخلافات في صفوف أعدائنا، هاهي توفر لهم فرصاً مجانية ثمينة لتوحيد ورص صفوفهم ضدنا، في كل مرحلة من مراحل حربها عليهم. وليس أدل على ذلك من تشخيص بوش لما وصفه بـ"محور الشر" في خطابه عن "حالة الاتحاد" لعام 2002. وليس أقله كذلك، إقصاؤها لإيران في ظل رئاسة محمد خاتمي، ورجوح كفة الإصلاحيين في السياسات الإيرانية وقتئذ!"
ولا شك أن اختيار كينان منذ عقد الأربعينيات "اللعبة السياسية" و"المنافسة الايديولوجية" له مبرراته. فهو قد اعتقد أن السبيل الأفضل لكسب العقول والقلوب، هو البرهنة على تفوق الرأسمالية الليبرالية، وتقديمها مثالاً مجسداً للأعداء والأصدقاء على الأرض. ولكن ، هل يمثل "تجديد هذه الرؤية"، كما يدعو الى ذلك شابيرو وغيره من المثقفين الأمريكيين من الاتجاه "الواقعي" حلا لأزمة السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟ بالنسبة لشابيرو وعدد من الكتاب الآخرين فإن الأصولية الإسلامية تتقاسم مع "الخطر السوفياتي " السابق أرضية واحدة مشتركة، هي عجزهما عن تقديم نموذج اقتصادي سياسي قابل للعيش والبقاء. وأمامنا ما حدث للاقتصادين الإيراني والأفغاني، إثر وصول الأصوليين الإسلاميين إلى السلطة، في كلا البلدين. وهو يأسف لأن"كينان" قد رحل عن دنيانا قبل عامين، "إلا أن نهج الاحتواء الذي خطه، يجب ألا يقبر معه».. وهو رأي يدعو الى نقاش ليس هذا مجاله.



تعد هذه النظرية من النظريات الأولى لإستراتيجية الأمريكية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية و قد أسسها و بلورها جورج كنان الدبلوماسي الأمريكي المتخصص في الشؤون السوفيتية و نفذتها حكومة الرئيس هاري ترومان , و تعني في نظر صاحبها كنان التعهد الشامل لمقاومة الشيوعية انى وجدت و يراها العالم الاشتراكي مخططا لسيطرة العالمية أعدته الامبريالية الأمريكية و تفويضا من النظام الذي انبثق عن الحرب العالمية الثانية الذي يقوم على توازن في العالمية الرأسمالي و الاشتراكي و نبذهما للحرب و تأكيدهما على  مبادئ التعايش السلمي و جاء تعبير الاحتواء لأول مرة في مقالة كتبها جورج كيان في مقالة نشرت في مجلة الشؤون الخارجية forign afairs  لسنة 1947 و جاءت في وقت حل التوتر عن العلاقات الأمريكية / السوفيتية محل التحالف فكانت الحاجة لإعادة تقويم السياسية التي يجب على الولايات المتحدة الأمريكية إتباعها إزاء الاتحاد السوفيتي سابقا , كما ارتبطت سياسة الاحتواء بالتطورات الجذرية التي حدثت في موازين القوى الدولية نتيجة الهزيمة التي ألحقت بالنازيين و حدة مزاج السياسي في أوروبا و هو ما سمح للتنظيمات النوعية بالتواجد بين مختلف دول المجتمع الدولي و فرض روسيا الشمالية سيطرتها المباشرة على تلك الدول بوسائل القوة المسلحة من شرق أوروبا كما دفعت هذه المخاوف الكثيرة من دول أوروبا إلى الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتعت باحتكار الأسلحة النووية آنذاك و محاربة المخططات التوسعية الجديدة للاتحاد السوفيتي في القارة الأوروبية .
و تمثل الإطار النظري لسياسة الاحتواء على إجراء تحليل شامل للأهداف الإستراتيجية السوفيتية و تحليل الطرق التي من خلالها ينظر الإتحاد السوفيتي للغرب الذين يعتبرونه  العائق الرئيسي في وجه الشيوعية حيث يقول كنان : أن الإستراتيجية السوفيتية كانت في حالة جس النبض دائم و في مختلف الاتجاهات للحلقات الضعيفة مركز الغرب أو تلك التي كانت تشكل نزاعات قوى يمكن النفاذ منها و استخدامها كنقطة وثوب نحو إحداث التغيرات تتواءم و الأهداف البعيدة المدى لهذه الإستراتيجية و يضيف أن هذه الإستراتيجية كانت مرنة و لم تكن مقيدة بوقت محدد لبلوغ أهدافها و لم يكن لها تقييد في الوسائل التي يجب استعمالها لتحقيق الأهداف , و قد عزى كنان أسباب عداء الإتحاد السوفيتي للغرب عامة و للولايات المتحدة الأمريكية خاصة على الأخص إلى ما كان يراود زعماء الكرملين من حسن دفين و متأصل بافتقار الأمن على وطنهم من العالم الخارجي الذي نشأ من افتقاد الحواجز الجغرافية المنيعة التي تصون سلامة الروس الإقليمية  فضلا عن الغزوات المتكررة التي مرت بها بلادهم مما جعل هدفهم الحقيقي عن رأيه توسيع النفوذ السوفيتي وراء الحدود  , و اعتبروا أن الاحتواء الإتحاد السوفييتي كان من الممكن أن يضيف أمرين :
1 – مقاومة التوسع السوفيتي و الحيلولة دون امتداده ليستقطب دول جديدة .
2 – تحت الضغط الغربي سيضطر الشيوعيون التخلي عن استراتيجياتهم التوسعية .
و يضيف الرئيس ترومان عنصرا آخر إلى سياسة الاحتواء هو التبرير الإيديولوجي فيما ركز كنان على فعالية القوة بالقوة.
و اعتبر ترومان أن هذه السياسة ضرورة أساسية للدفاع عن الحرية و الديمقراطية ضد محاولات التسلل الشيوعي الذي لا يهدد امن الولايات المتحدة الأمريكية فقط و إنما يتعداها إلى كل القيم الأساسية التي تدين بها .
وبقيت فكرة استخدام القوة مرتبطة في أذهان الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الشاملة سواء للدفاع عن أوروبا الهجوم الشيوعي و للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية من الهجوم المباشر و قد اتخذ التطبيق الفعلي لسياسة الاحتواء الكثير من الأحلاف و القواعد العسكرية في كل مكان و خلق الحلف الأطلسي الذي يعتبر القوة الضاربة و الرادعة للاتحاد السوفيتي أما في آسيا بدأ تطبيق سياسة الاحتواء بعد سلسلة من مواثيق التحالف و ترتيبات الأمن الإقليمي و قد ظهر ذلك جليا بعد الحصار الذي فرضته الاتحاد السوفيتي على برلين و الانقلاب الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا و الغزو الشيوعي لكوريا علما أن الولايات المتحدة  الأمريكية سبق لها و أن أقامت ميثاق تبادل مع اليابان و كوريا الشمالية في 1953  و تعهدوا بالدفاع عن أي هجوم يقع من طرف الشيوعية و قام حلف جنوب شرق آسيا 1959 و حلف بغداد في الشرق الأوسط , و عموما تعتبر هذه الأحلاف بمثابة تطويق و احتواء للمد الشيوعي إضافة إلى أن مشروع مارشال كان في إطار سياسة الاحتواء ، وما المشاريع السوفييتية إلا كردود أفعال لهذه السياسة
وهنا نلاحظ أن النظرية وجدت لتحقيق هدف أرادته الإدارة  الأمريكية تكريسا لهيمنتها على العالم والمضي في سياستها الامبريالية تجاه العالم وقد كانت مناسبة حسب النظرة الأمريكية في التعامل مع السوفيت آنذاك
نقد نظرية الاحتواء في الجوانب السياسية :
من أكثر الانتقادات التي تعرضت لها نظرية كنان كانت نتيجة إلى
-  قصورها بعد إفلاح صنع القنبلة النووية الذرية 1949 و الهدروجينية 1953 و مما انشأ في العالم وضع جديد من التوازن أصبح ينتفي معه إمكان وقوع حرب نووية تدمر الجميع على السواء و هي بذلك لم تعد كافية لمعالجة الموقف الجديد .
- نظرية لم توضح ما إذا كانت جذور السلوك السوفييتي إيديولوجية أو قومية و لم تفرق بين  مبادئ   الشيوعية الدولية و النزعات التوسعية السوفيتية ذلك أن الجيش الأحمر و ليس إيديولوجية ماركس هي التي مكنت روسيا من التوسع وراء حدودها و قد اعتبرت عنصرا في تكوين الخلفية السياسية السوفيتية .
- قضت على إمكانية تسوية الخلافات بين العملاقين عن طريق المفاوضة .
-                       تعتبر المسئولة عن انقسام إلى معسكرين و ألمانيا إلى دولتين و إنشاء أحلاف  متخاصمة و حلول الحرب الباردة محل التعاون .
- سوء تفسيرها من طرف السياسيين و صناع القرار أدى إلى تورط الولايات المتحدة في حرب الفيتنام حيث افقدها هذا العمل المصداقية في تصرفاتها على اعتبار أنها حاملة لواء الأمن و السلم الدولي .
 يبدوا أن سياسة الاحتواء قد فقدت معظم مصوغاتها الأساسية خاصة مطلع التسعينيات من القرن العشرين بعد التطورات المهمة التي حدثت في أوروبا الشرقية و في الاتحاد السوفيتي و توحيد ألمانيا و انفراط عقد حلف وارسو وتغيير معظم هذه الدول موقفها من الإيديولوجية الشيوعية و السوفييتية و تفكك الاتحاد السوفيتي و غياب قوته .
على هذا الوضع دفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في أسس و مفاهيم استراتيجياتهم المعتمدة و هي إستراتيجية الرد الشامل أو الانتقام الشامل

نقد حديث
1- من أبرز عيوب نظرية الاحتواء تقوم الدول المهيمنة بتنفيذ هذه النظرية للسيطرة على مقدرات الدول الضعيفة .
2- تبني دول الاستعمار اقتصادها وحضارتها على أوجاع الغير لتظهر لنا وعلى مر السنون الفواق الحضارية والعلمية .
3- تتكون الأحلاف والأحلاف المضادة مما يؤثر على الأمن والسلم والاستقرار العالمي .
4- تثير عملية الاحتواء العداء والحقد بين الجماعات باحتواء جماعة على حساب أخرى لأن المنظمات – الدول – الكبرى تمد وتدعم بكل الأشكال الجماعة المرغوبة حتى تستنفذ بشكل كامل وتتبدل عنها المصالح  .
5- تطبيق النظرية يكرس نفوذ رؤوس الأموال في المؤسسات والمنظمات - الدول -  على حساب الطبقات الأخرى .

(1) هشام القروي العرب 11 ابريل/ نيسان 2007كينان... ونظرية الاحتواء
Submitted by Editor on Sun, 04/26/2009 - 18:14
(2) خيري حسن  جريدة الوفد 26/نوفمبر 2011
نظرية الاحتواء : 
theory of containment   1945  – 1953

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات