السبت، 16 فبراير 2013

شطري الوطـن .! بقلم أ هاني جودة


شطري الوطـن .!

"غزة والضفة بعد مئات الآلاف الشهداء الأسرى الجرحى هما الوطن"

بقلم أ هاني جودة

مكائد صهيونية تحاك ليل نهار في سبيل افناء  الحق العربي الكامل والغير منقوص في فلسطين التاريخية  رغم ذلك هناك عبارة تتردد كثيرا تؤلم كل عاشق للتراب الفلسطيني الأطهر لقد اختزلت فلسطين إلى غزة والضفة ونسينا بذلك القدس وحيفا وعكا وأم الرشراش وتل الربيع وقيسارية وصفد وباقي مدننا وقرانا المحتلة , لأنها ليست من شطري الوطن ..!!
لقد مُررت للفلسطينيين الكثير من مشاريع التسوية والتي هدفت بالواقع إلى تجهيل ومحو الذاكرة الفلسطينية , وأصبحت مشاريع التسوية فيما بعد لا تستطيع بأساليبها السياسية مناقشة ما يحصل في قرية العراقيب في النقب المحتل أو ما يحدث من مصادرة الأملاك العربية في حيفا ويافا القديمة مدننا المحتلة وحتى أصبحنا  لا نعلم كيف يقتل ويلاحق شباب يافا الأبطال الذين يناضلون  يوميا بصمود أرادتهم الصلبة في وجه عصابات اليهود المحتلين للبلدة , حتى يومنا هذا يرفضون قرارات الشرطة اليهودية ويسجنون ويحاكمون , المشهد الداخلي لأهلنا الصامدين في مدنهم وقراهم في الأراضي التي احتلت عام 1948 غائبٌ عن أذهاننا ولم يكن في بال الساسة الفلسطينيين والفصائل الفلسطينية أحوال المواطن الفلسطيني في الأراضي المحتلة ولقد نوه الزعيم أنطون سعادة إلى أن التراب الوطني السوري بالمجمل هو ملك للموروث التاريخي ولأجيال لم تولد بعد , حتى
تنازل فرد آو مجموعة أفراد قولا أو فعلا أو بالإشارة أو النيابة عن جزء من الوطن أيضا باطل ولا يكون أي نقاش عقلي منطقي وطني على ذرة تراب من ترابنا السوري الأطهر , وهان لابد لنا أن نتوقف وان نستذكر المشهد الحقيقي لأهلنا في الأراضي المحتلة عام 48 حتى نضع النقاط على الحروف ونعلم طبيعة الصراع والمخاطر التي انزلقنا بها ويكرسها مصطلح شطري الوطن, بعض  أشكال الصلف والقمع من عصابات الاحتلال اليهودي :

1- يقوم كيان العدو بالعديد من الإجراءات من أجل التَّضييق على السُّكَّان العرب من أجل "تصعيب" الوضع الداخليِّ بالنسبة لهم لدفعهم إلى التَّفكير جدِّيًّا في الهجرة إلى خارج فلسطين المحتلة التَّضييق على السُّكان العرب وحرمانهم مِن الخدمات وتهميشهم، مع تجاهل الحالة الجنائيَّة في أوساطهم
.
2- تنشط هيئة "تراث الجليل الأعلى" اليهودية الاستيطانية الإرهابية في القرى العربية داخل فلسطين المحتلة عام 1948 من خلال الإغراءات المالية الباهظة لشراء منازل عربية بهدف تهويد هذه القرى، كما حصل في قرية البقيعة في الجليل الأعلى. وكذلك إجرام عصابات اليهود من خلال شراء البيوت بخمسة أضعاف القيمة الحقيقية من ثم إسكان عائلات يهودية فيها، وتقع غالبية البيوت التي اشترتها هذه الجمعيات في وسط قرية البقيعة وتحيط بكنيس يهودي .
3-
محاولة نزع الهويَّة العربية  عن المدن والقرى ، وتزييف تاريخها وطمسه، من خلال الهدم المنهجيِّ للعمارة داخل هذه المدن والقُرى، بما في ذلك هدم مقابر عربية، وتغيير أسماء الشَّوارع العربيَّة إلى أخرى عبريَّةٍ مزيفة، وغير ذلك  , امتلاك البيوت والعقارات من خلال المُؤسَّسات والشَّركات الحكوميَّة، وسنِّ قوانين تصعِّب من عملية التَّوريث وتسهِّل السيطرة على الأوقاف خصوصًا، وتأجيرها في بعض الأحيان، وتيسير شراء الأملاك من قِبل مؤسسات ورءوس أموال يهوديَّة محلِّيَّةٍ وعالميَّةٍ.

مشروع شطري الوطن والترحيل.

الترحيل فكرةٍ قديمةٍ بدأت منذ النكبة  وأعادت طرحها حكومة الاحتلال في الخمسينيَّات والسِّتينيَّات، وتقوم على أساس استيعاب الدِّول العربيَّة لفلسطينيون المقيمون في فلسطين المحتلة عام 1948 ممَّن بقوا بعد النَّكبة، مُقابل استيعاب يهود الدِّول العربيَّة في كيان العدو ، ومن ضمن هذه المشروعات المثيلة أيضًا توطين فلسطينيو ال48 والَّلاجئين الفلسطينيِّين في سيناء أو جعل الأردن وطنًا بديلاً للفلسطينيِّين، بحيث تستوعب الأردن عرب الدَّاخل والَّلاجئين معًا وقد تطورت هذه الأفكار بعدها لتدخل منحى خطير أكتر ترفض مبدأ الحوار حول مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وتدعو فقط للترحيل يقول الإرهابي المجرم ليبرمان
إنَّ "المفاوضات مع الفلسطينيين "لا يجب أنْ تُجرَى على أساس "الأرض مُقابل السَّلام"، وإنَّما على أساس "تبادلٍ للأراضي والسُّكان"، في إشارة إلى العرب الموجودين في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلة في نكبة العام 1948م، وقال ليبرمان أيضًا: "يجب إعادة رسم حدود دولة إسرائيل بشكلٍ يسمح باحتواء المستوطنات اليهوديَّة"، وفي المقابل "تُصبح القرى العربيَّة، التَّابعة حاليًا لكيان العدو ، جزءًا مِن الأراضي الفلسطينيَّة" في الدَّولة المزمعة كما هو مفترضٌ.
 
ليبرمان قال إن ما وصفه برفض الفلسطينيِّين الاعتراف بكيان العدو  كدولةٍ يهوديَّةٍ "يُلزم إسرائيل بالاستعداد لحلٍّ يشمل تبادلاً سُكَّانيًّا"، وإنَّ قضية فلسطينيِّي 48 "يجب أنْ تكون إحدى القضايا المركزيَّة على طاولة المفاوضات في ظلِّ الرَّفض الفلسطينيِّ للاعتراف بإسرائيل كدولةٍ يهوديَّةٍ". وقد صرح بعدها ليبرمان انه لا حل مع فريق السلطة لأنه لم يستجيب لأطروحاته بالسلام!! وهناك رأي مشابه لتسيفي ليفني عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجيَّة في حكومة "كاديما" ، قالت أمام طلاب إحدى المدارس الثانوية في مدينة تل الرَّبيع المحتلة : "كي نبنيَ دولةً يهوديةً وديمقراطيةً، علينا أن نبنيَ دولتَيْن قوميتَيْن مع تنازلاتٍ معينة وخطوط حُمْر واضحة، وعندما ننجز ذلك أستطيع أن أتوجَّه إلى الفلسطينيِّين مواطني إسرائيل، مَن نُسميهم اليوم عرب إسرائيل، وأقول لهم إنَّ الحل القومي لقضيَّتِهم موجودٌ في مكانٍ آخرَ". وقد سبقهم بالقول ما أطلق عليه وزير السياحة اليهودي الرَّاحل رحبعام زئيفي عبارة "الأخلاقية السَّامية الإيجابيَّة"،

وهو إقناع العرب بأنَّه لا مجال لتعايُش العرب واليهود في فلسطين، ولكن زئيفي كان يردف ذلك بعبارةٍ أخرى وهي "إمَّا نحن وإمَّا هم، ولا خيار أمام إسرائيل سوى إبعاد الفلسطينيِّين بأسرع وقتٍ"


عذرا القدس عذرا حيفا النقب يافا فأنتم لستم من شطري الوطن لن أتحدث عنكم كثيرا فأنتم ذاكرة منسية في عالم تحكمه شريعة الغاب وشريعة الموت للكرامة والنخوة والأصالة فلقد أرادت لنا الصهيونية العالمية وأمريكا شطرين للوطن غير متصلين جغرافيا متباعدين وطنا لنا وهما الآن (الوطن) ! , اليهود لا ينامون ويعملون ليل نهار على تهجير الفلسطينيين وطردهم من أراضي ال48 ونحن نتباهى على المنابر وبالخطب بلفظة موازية لدعوة ليبرمان "شطري الوطن "!ولقد وصلت الوقاحة اليهودية أن تطالب مرارا وتكرارا من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بإزالة خارطة فلسطين المحتلة من المناهج الدراسية بالإشارة لوضع أراضي ال1967 فقط , ولقد كان لتقاعسنا ونومنا والتفافنا عن المقاومة الشاملة أن جعل اليهود يتمادون كثيرا بل طويلا في كل نفس ربما يخرج هواءً عربياً في الأرض المحتلة , والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا إذ انك تسمع وبكل وضوح من الساسة الفلسطينيين وبعض قيادات  الفصائل الفلسطينية لفظة شطري الوطن التي باتت أمرا واقعا يقرون به ويتعاملون حوله فهذه اللفظة الخارجة عن الأصالة والدائرة الوطنية تتردد على الإعلام وفي الندوات والحفلات والمؤتمرات , أيٍْ شطري تقصدون يا ساسة شطرين بعناهما بدماء شهدائنا . شطرين لا نملك منهم أرضاً ولا سماءً ولا هواءً ولا ماء  , شطرين منقسمين على نفسيهما خدمة مجانية للكيان الغاصب وهذا ما يريده حاخامات الكتابات الوهمية الزائفة للتوراة حيث يقولون أن "غزة وأريحا أرضين ملعونتين بالتوراة " فهما مسكناُ لأعداء دولة يعقوب , ويكون بذلك تقسيم اليهود لسكننا قد تم وفق رؤاهم التوراتية وخزعبلاتهم  الضالة .

وحول هذه اللفظة الخطيرة نقاط عدة أود تدوينها للقارئ الكريم :
1- كلمة شطري الوطن تختزل فلسطين المحتلة بغزة والضفة فقط وتتناسى باقي المدن والقارئ والبلدات المحتلة  وهي جزء من مخطط أمر واقع يهدف الى مسح الذاكرة الفلسطينية القومية .
2- تحقق الحلم اليهودي بحصر السكان العرب في أماكن مغلقة متباعدة منزوعة الهوا والسيادة وهي استكمال لأفكار ساسة العدو خصوصا ليبرمان نحو طرد السكان العرب من المثلث  والجليل عموما والنقب وكل الأراضي العربية المحتلة عام 1948 وتوجيههم الى غزة والضفة الغربية وكذلك تتزامن ويتوافق هذا المصطلح الخطير مع دعوات اليهود بأن تكون عودة اللاجئين نحو غزة والضفة وبأعداد متفق عليها .
3- لهذا المصطلح الخطير تداعيات كبيرة على الأجيال القادمة حيث أنه يدعم فكرة غزة والضفة " الدولة الفلسطينية المنتظرة" ويتجاهل كامل التراب الفلسطيني وبذلك يصبح وجود كيان العدو على ارض فلسطين المحتلة  أمرا طبيعيا مألوفا وليس بغريب .
4- طالما أن أقر بعض الساسة الفلسطينيين في الهيئات الرسمية وسوقوا للجمهور الفلسطيني أن غزة والضفة هما الوطن وكل منهما يمثل شطرا يترتب على ذلك تطبيع تلقائي سياسي اقتصادي أمني اجتماعي لأن الكيان الغاصب وغزة والضفة متداخلان متقاطعان والتعامل بين الطرفين وفي كل المجالات سيكون حتمي وبذلك ستذهب الثوابت الفلسطينية أدراج الرياح وقد بدأت المسبحة بالانفراط منذ زمن .
5- اعتماد اليهود حياة الجيتو وهي الأحياء المغلقة ونظام الكبوتسات في أوقات ضعفهم بأوروبا لم يتغير في حال تفوقهم العسكري الموهوم فهم يعيشون حتى الآن في نظام جيتو ببنائهم للكائل الهائل المسمى جدار الفصل العنصري , من هنا الإقرار بشطري الوطن هو إقرار ضمني بالجدار العنصري وسياسة الإرهاب اليهودية .
6-
لفظة شطري الوطن مقدمات لدعوى التبادل السُّكَّاني، كما قال ليبرمان وليفني، أي تنفيذ عمليَّة تبادُلٍ سكاني  مُتَّفقٍ عليه مع الفلسطينيِّين، بترحيل الفلسطينيِّين إلى أراضي الدولة الفلسطينيَّة المُرتقبة التي يستبعد ليبرمان ونتن ياهو إقامتها قريبًا، مقابل استيعاب المستوطنات في الضِّفَّة داخل "الدَّولة اليهوديَّة المزعومة" .
7- شطري الوطن هي واقع جديد يهرب إليه معسكر السلام  وخصوصا بعد الإدراك الكامل لدي اليهود أن المعادلة الديمغرافية  في فلسطين المحتلة عموما ليست بصالح اليهود لذلك حصر العرب في منطقتين معزولتين شطرين متباعدين هو نجاح سياسي واجتماعي لليهود فحسب إحصائيات  مكتب الإحصاء المركزيِّ لكيان العدو عن عدد السكان في فلسطين المحتلَّة في سبتمبر 2010م؛ فإنَّه يعيش داخل كيان العدو  حوالي 7 ملايين و645 ألف نسمة، منهم
75.5% يهود، و20.3% عرب و4.2%  دروز وآخرون، وبينما تبلغ نسبة الزِّيادة السُّكَّانيَّة في أوساط اليهود حوالي 1.7% خلال 2009م؛ فإنَّها وصلت إلى 2.4% بالنِّسبة للعرب، أي ما يقرب مِن الضِّعف ولو استمرَّت هذه المعدَّلات بنفس النِّسب؛ فإنَّ ذلك معناه زوال كيان العدو  بحلول العام 2050، وسوف يكون هذا الوضع أقرب إلى التَّحقُّق حال نجاح إيران في امتلاك سلاحٍ نَوويٍّ وإعلانها عن ذلك رسميًّا؛ حيث من المُرجَّح هجرة حوالي 2.5 مليون شخصٍ من كيان العدو  يحملون جوازات سفر من دولٍ أوروبيَّةٍ  لذلك الحل العسكري مع كيان العدو هو الأنجع والأفضل , وهو الذي يشفى الصدور ويبرئ القلوب ولن يبقى هناك شطران للوطن ولن أسمع بعد اليوم من ينادي بشطري الوطن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أبحاث ودراسات